الشفاء بالدواء إنما هو كدفع الجوع بالأكل، والعطش بالشرب، فهو ينجع في ذلك في الغالب، وقد يتخلف لمانع، والله أعلم.
واستثناء الموت في بعض الأحاديث واضح، ولعل التقدير: إلا داء الموت، أي المرض الذي قدر على صاحبه الموت. واستثناء الهرم في الرواية الأخرى إما لأنه جعله شبيها بالموت، والجامع بينهما نقص الصحة، أو لقربه من الموت وإفضائه إليه.
ويحتمل أن يكون الاستثناء منقطعا، والتقدير: لكن الهرم لا دواء له.
تتمة قال بعض المحققين: الطبيب الحاذق في كل شئ، وخص المعالج به عرفا.
والطب نوعان: نوع طب جسد، وهو المراد هنا، وطب قلب ومعالجته خاصة بما جاء به رسول الله عن ربه تعالى. وأما طب الجسد فمنه ما جاء في المنقول عنه صلى الله عليه وآله ومنها ما جاء عن غيره، وغالبه راجع إلى التجربة.
ثم هو نوعان: نوع لا يحتاج إلى فكر ونظر، بل فطر الله عليه الحيوانات مثل ما يدفع الجوع والعطش، ونوع يحتاج إلى الفكر والنظر كدفع ما يحدث في البدن مما يخرجه عن الاعتدال، وهو إما إلى حرارة أو برودة، وكل منهما إما إلى رطوبة أو يبوسة، أو إلى ما يتركب منهما. والدفع قد يقع في خارج البدن وقد يقع من داخله، وهو أعسرهما والطريق إلى معرفته بتحقيق السبب والعلامة.
والطبيب الحاذق هو الذي يسعى في تفريق ما يضر بالبدن جمعه أو عكسه، وفي تنقيص ما يضر بالبدن زيادته أو عكسه.
ومدار ذلك على ثلاثة أشياء: حفظ الصحة، والاحتماء عن المؤذي، واستفراغ المادة الفاسدة. وقد أشير إلى الثلاثة في القرآن: فالأول من قوله تعالى في القرآن " فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " (1) وذلك أن السفر مظنة