واعلم يا أمير المؤمنين أن السير (1) في الحر الشديد ضار بالأبدان المنهوكة إذا كانت خالية عن الطعام، وهو نافع في الأبدان الخصبة.
فأما صلاح المسافر ودفع الأذى عنه فهو أن لا يشرب من ماء كل منزل يرده إلا بعد أن يمزجه بماء المنزل الذي (2) قبله [أو ب] شراب (3) واحد غير مختلف يشوبه (4) بالمياه [على الأهواء] على اختلافها. والواجب أن يتزود المسافر من تربة بلده (5) وطينته التي ربى عليها، وكلما ورد إلى منزل طرح في إنائه الذي يشرب منه الماء شيئا من الطين الذي تزوده من بلده، ويشوب الماء والطين في الآنية بالتحريك، و يؤخر قبل شربه حتى يصفو صفاء جيدا.
وخير الماء شربا لمن هو مقيم أو مسافر ما كان ينبوعه من الجهة المشرقية من الخفيف الأبيض. وأفضل المياه ما كان مخرجها من مشرق الشمس الطيفي، وأصحها وأفضلها ما كان بهذا الوصف الذي نبع منه وكان مجراه في جبال الطين، وذلك أنها تكون في الشتاء باردة وفي الصيف ملينة للبطن نافعة لأصحاب الحرارات (6).
وأما الماء المالح والمياه الثقيلة فإنها (7) يبيس البطن. ومياه الثلوج والجليد ردية لسائر الأجساد، وكثيرة الضرر جدا وأما مياه السحب فإنها خفيفة عذبة صافية