عنها ما بقي إلا إلى الهرم، ونكد عيش، وذبول، ونقص في القوة، وفساد في كونه (1) ونكتته أن كل شئ كان لا يعرفه حتى ينام عند القوة، ويسهر عند النوم، ولا يتذكر ما تقدم، وينسى ما يحدث في الأوقات ويذبل عوده، ويتغير معهوده، و يجف ماء رونقه وبهائه، ويقل نبت شعره وأظفاره، ولا يزال جسمه في انعكاس و إدبار ما عاش، لأنه في سلطان المرة البلغم، وهو بارد وجامد، فبجموده وبرده يكون فناء كل جسم يستولي عليه في آخر القوة البلغمية.
وقد ذكرت لأمير المؤمنين جميع ما يحتاج إليه في سياسة المزاج وأحوال جسمه وعلاجه.
وأنا أذكر ما يحتاج إلى تناوله من الأغذية والأدوية، وما يجب أن يفعله في أوقاته. فإذا أردت الحجامة فليكن في اثني عشرة ليلة من الهلال إلى خمس عشرة، فإنه أصح لبدنك، فإذا انقضى الشهر فلا تحتجم أن تكون مضطرا إلى ذلك. و هو لان الدم ينقص في نقصان الهلال. ويزيد في زيادته.
ولتكن الحجامة بقدر ما يمضي من السنين: ابن (2) عشرين سنة يحتجم في كل عشرين يوما (3)، وابن الثلاثين في كل ثلاثين يوما مرة واحدة، وكذلك من بلغ من العمر أربعين سنة يحتجم في كل أربعين يوما [مرة] وما زاد فبحسب ذلك.
واعلم يا أمير المؤمنين أن الحجامة إنما تأخذ دمها من صغار العروق المبثوثة في اللحم، ومصداق ذلك ما أذكره أنها لا تضعف القوة كما يوجد من الضعف عند الفصد.
وحجامة النقرة تنفع من ثقل الرأس، وحجامة الأخدعين تخفف عن الرأس والوجه والعينين، وهي نافعة لوجع الأضراس.
وربما ناب الفصد عن جميع ذلك، وقد يحتجم تحت الذقن لعلاج القلاع في الفم.