الضارة والنافعة، والذائقة على الأشياء النافعة والسموم المهلكة، واللامسة على الحر والبرد وغيرهما.
لكن فائدة الباصرة أكثر، إذ أكثر تلك القوى إنما تدرك ما يجاورها وما يقرب منها، والباصرة تدرك القريب والبعيد، والضعيف والشديد، فلذا خصه عليه السلام بالذكر ولذلك جعلها الله في أرفع المواضع في البدن وأحصنها وأكشفها. " حتى يوحي الملك إليهما " وحي الملك كناية عن إرادة السماع وتوجه النفس إليه، وانصاته (1) عبارة عن توجه النفس إلى إدراكه وعدم اشتغاله بشئ آخر ليدرك المعاني بالألفاظ التي تؤديها السامعة.
وريح الفؤاد هي الهواء التي يخرج من القلب إلى الرئة والقصبة. وبخار المعدة تصل إلى تجاويف الرئة أو إلى الفم فيعين الكلام، أو المراد ببخار المعدة الروح الذي يجرى من الكبد بعد وصول الغذاء من المعدة إليه إلى آلات النفس.
" إلا بالأسنان " كذا في أكثر النسخ، وتقوي الشفة بالأسنان ظاهر، لأنها كالعماد له، وفي بعض النسخ " إلا باللسان " وهو أيضا صحيح " وليس يستغني بعضها " أي بعض أدوات الصوت عن بعض، لمدخلية الجميع في خروج الصوت وتقطيع الحروف وإرجاع الضمير إلى الأسنان بعيد.
" كما يزين النافخ في المزمار " أي كما يزين النافخ في المزمار صوته بترديد صوته في الانف، وقيل: أي كما يزين النافخ في المزمار صوت المزمار بثقبة تكون خلف المزمار تكون مفتوحة دائما.
وذلك لان الهواء يخرج بالعنف من قصبة الرئة في حال التنفس، فإذا وصل إلى الحنجرة حدثت فيه تقطيعات مختلفة لإصاغة الحروف فإذا كثرت الأهوية وازدحمت ولم يخرج بعضها من المنخرين أشكل تقطيع الحروف ولم يتزين الصوت، كما أن الثقبة التي خلف المزمار منفتحة دائما لئلا تزدحم الأهوية المتموجة فيها، فلا يحسن صوته.