أخي؟ قال: ماله؟ قال: لبس العباء وترك الملاء وغم أهله وحزن ولده، فقال عليه السلام: ادعوا لي عاصما، فلما أتاه عبس في وجهه وقال: ويحك يا عاصم أترى الله أباح لك اللذات وهو يكره ما أخذت منها؟ لانت أهون على الله من ذلك، أو ما سمعته يقول: " مرج البحرين يلتقيان (1) " ثم قال: " يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان (2) " وقال: " ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها (3) " أما والله ابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال، وقد سمعتم الله يقول:
" وأما بنعمة ربك فحدث (4) " وقوله: " من حرم زينة الله التي أخرج لعباده و الطيبات من الرزق (5) " إن الله خاطب المؤمنين بما خاطب به المرسلين فقال: " يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم (6) " وقال: " يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا (7) " وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لبعض نسائه: مالي أراك شعثاء مرهاء سلتاء؟ (8).
قال عاصم: فلم اقتصرت يا أمير المؤمنين على لبس الخشن وأكل الجشب؟ (9) قال إن الله تعالى افترض على أئمة العدل أن يقدروا لأنفسهم بالقوام كيلا يتبيغ (10) بالفقير فقره، فما قام علي عليه السلام حتى نزع عاصم العباء ولبس ملاءة (11).