إني لواقف (1) مع أصحاب عمر بن سعد - لعنه الله - إذ صرخ صارخ أبشر أيها الأمير فهذا شمر قد قتل الحسين - عليه السلام -.
قال: فخرجت بين الصفين فوقفت عليه وانه ليجود بنفسه، فوالله ما رأيت قط قتيلا مضمخا بدمه أحسن منه، ولا أنور من وجهه ولقد شغلني نور وجهه وجمال هيئته (2) عن الفكرة في قتله، فاستسقى في ذلك الحال ماء، وسمعت رجلا يقول (له: لا والله) (3) لا تذوق الماء حتى ترد الحامية، فتشرب من حميمها، فسمعته يقول: [يا ويلك] (4) أنا لا أرد الحامية ولا أشرب من حميمها، بل أرد على جدي رسول الله - صلى الله عليه وآله - فأسكن معه في داره في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وأشرب من ماء غير آسن، وأشكو إليه ما ارتكبتم مني وفعلتم بي.
قال: فغضبوا بأجمعهم، حتى كأن الله لم يجعل في قلب أحد منهم من الرحمة شيئا، فاجتزوا رأسه، وانه ليكلمهم، فتعجبت من قلة رحمتهم (له) (5) وقلت: والله لا أجامعكم على أمر أبدا.
قال: ثم أقبلوا على سلب الحسين - عليه السلام - فأخذ قميصه إسحاق ابن حوية الحضرمي، فلبسه فصار أبرص وامتعط شعره، [وروي أنه وجد في قميصه مائة وبضع عشرة: ما بين رمية، وطعنة سهم وضربة، وقال الصادق - عليه السلام - وجد بالحسين - عليه السلام - ثلاث وثلاثون طعنة