عليه السوافي، بدنه من مرضوض قد هشمته الخيل بحوافرها، (وهو مذبوح من قفاه مسلوب رداه قد هتك القوم نساءه) (1) تزوره (2) وحوش القفار، وتندبه (3) جن السهول والاوغار، وأضاء التراب من أنواره، [وأزهر الجو من أزهاره،] (4) فلما رأته الطيور، تصايحن وأعلن بالبكاء والثبور، وتواقعن على دمه يتمرغن فيه، وطار كل واحد منهم إلى ناحية يعلم أهلها أن سيدي أبا عبد الله قتيل، والبدن منه جريح، والدم منه يسيح.
فمن القضاء والقدر، أن طيرا من هذه الطيور قصد مدينة الرسول، جاء يرفرف والدم يتقاطر من جناحيه، ودار حول سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وآله -، يعلن بالبكاء والنداء: ألا قتل الحسين بكربلاء، ألا ذبح الحسين بكربلاء، (ألا نهب الحسين بكربلاء) (5)، فاجتمعت الطيور عليه، وناحت وبكت عليه.
فلما عاين أهل المدينة من الطيور ذلك النوح، وشاهدوا الدم يتقاطر من الطير، ولم يعلموا ما الخبر؟ حتى انقضت مدة من الزمان، وجاء خبر مقتل الحسين - عليه السلام - [علموا أن ذلك الطير كان يخبر رسول الله - صلى الله عليه وآله - بقتل ابن فاطمة البتول] (6) وقرة عين الرسول.