منهم قد صبرت تقاتل، فأقدمت عليهم وأقبل رجل آخر في كبكبة كأنه بغل أقمر يغري (1) الناس لا يدنوا منه أحد إلا صرعه، فدنا مني فضربت يده فأبنتها، وسقط على شاطئ نهر، فشرقت يداه وغربت رجلاه فقتلته ووجدت منه رائحة المسك (2)، وأظنه ابن زياد فاطلبوه.
فجاء رجل فنزع خفيه وتأمله، فإذا هو ابن زياد - لعنه الله - على ما وصف ابن الأشتر فاجتزوا رأسه، واستوقدوا عامة الليل بجسده، فنظر إليه مهران مولى زياد، وكان يحبه حبا شديدا فحلف أن لا يأكل شحما أبدا، فأصبح الناس فحووا ما في العسكر، فهرب غلام لعبيد الله إلى الشام.
فقال له عبد الملك بن مروان: متى عهدك بابن زياد؟
فقال: جال الناس فتقدم فقاتل وقال ائتني بجرة فيها ماء، فأتيته فاحتملها فشرب منها وصب الماء بين درعه وجسده، وصب على ناصية فرسه فصهل ثم اقتحمه (3) فهذا آخر عهدي به.
قال: وبعث ابن الأشتر برأس بن زياد إلى المختار وأعيان من كان معه، فقدم بالرؤوس والمختار يتغدى، فألقيت بين يديه، فقال: الحمد لله رب العالمين وضع رأس الحسين بن علي - عليهما السلام - بين أيدي ابن زياد - لعنه الله - وهو يتغدى وأتيت برأس ابن زياد وأنا أتغدى.
قال: وانسابت (4) حية بيضاء تخلل الرؤوس حتى دخلت في أنف