كأن وجهه بين الجنة والنار، يرجو ثواب هذه، ويخاف عقاب هذه، ولقد أعتق من ماله ألف مملوك في طلب وجه الله والنجاة من النار، مما كد بيده (1) ورشح منه جبينه، وإن كان ليقوت أهله بالزيت والخل والعجوة (2)، وما كان لباسه إلا الكرابيس (3) إذا فضل شئ عن يده من كمه دعا بالجلم (4) فقصه، وما أشبهه من ولده ولا أهل بيته [أحد] (5) أقرب شبها به في لباسه وفقهه، من علي بن الحسين - عليهما السلام -.
ولقد دخل أبو جعفر ابنه - عليه السلام - عليه فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد فرآه [و] (6) قد اصفر لونه من السهر، وومضت عيناه من البكاء، ودبرت جبهته، وانخرم أنفه من السجود، و [قد] (7) ورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة (8).
فقال: أبو جعفر - عليه السلام -: فلم أملك حين رأيته بتلك الحال (من البكاء) (9)، فبكيت رحمة عليه (10)، وإذا هو يفكر، فالتفت