منه، وجعل يقبله ويبكي بكاء شديدا، ويقول: يا أبي آدم، ويا أبي نوح، ويا أبي إبراهيم، ويا أخي موسى، ويا أخي عيسى، أما ترون ما فعلت أمتي بولدي من بعدي؟ لا أنالهم الله شفاعتي.
ثم نظرت إلى نور ملا ما بين السماء والأرض، وإذا بملائكة قد أحاطوا بالخيمة ودخلوها، وقالوا: يا محمد، العلي الاعلى يقرئك السلام، ويقول لك: اخفض من صوتك، فقد أبكيت لبكائك، الملائكة في السماوات والأرض، وقد أرسلنا إليك نمتثل أمرك.
فقال: من الله بدأ السلام، وإليه يعود السلام، من أنتم رحمكم الله؟
فقال أحدهم: أنا ملك الشمس، إن أردت أن احرق هذه الأمة، فعلت.
وقال الآخر: أناملك البحار، إن أمرتني أن أغرقهم، فعلت.
وقال الآخر: أناملك الأرض، إن أمرتني أن أخسفها وأقلب عاليها سافلها، فعلت.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: دعوهم إن لي ولهم، موقفا بين يدي ربي، يحكم بيننا وهو خير الحاكمين.
فقال جميع من حضر: جزاك الله خيرا يا محمد عن أمتك، ما أرأفك بهم؟! ثم أقبل فوج من الملائكة، فقالوا: يا محمد، إن الله يقرئك السلام، وقد أمرنا بقتل هؤلاء الخمسين.
فقال النبي - صلى الله عليه وآله -: شأنكم بهم، فاقبل على كل رجل منهم ملك، وبيده حربة من نار، وأقبل لي ملك، فقلت: يا رسول الله الأمان، فقال: اذهب لا غفر الله لك، فانتبهت، فإذا أصحابي رمادا وقد أصبحت