ثم إن خولي بن يزيد - لعنه الله - أنفذ إلى يزيد رسولا، فمضى الرسول إلى دمشق فاستأذن على يزيد حين ورد عليه، وقال: أقر الله عين الأمير.
فقال يزيد: بماذا؟
قال: بقدوم رأس الحسين بن علي - عليهما السلام - هو وحريمه.
فقال يزيد: لا أقر الله لك عينا وقطع يديك ورجليك، وطرح الكتاب وخرج.
فلما قرأ يزيد الكتاب، عض على أنامله، وقال: مصيبة ورب الكعبة وجعل لا يقرأه أحد إلا ويقول: مصيبة ورب الكعبة، حتى وقع الكتاب في يد مروان بن الحكم - لعنه الله -، قال: فتبسم ضاحكا فرحا مسرورا وقال: يا ويلكم يصنع الله ما هو صانع.
قال: فعند ذلك انتزع الايمان من قلب يزيد وأمر بالجيش، فعباه مائة وعشرين راية وأمرهم أن يستقبلوا رأس الحسين - عليه السلام -، وأن يدخل من باب جيرون إلى باب توما.
وأقبلت الرايات من تحتها التكبير والتهليل، وإذا من تحتها هاتف يقول:
جاؤوا برأسك يا بن بنت محمد * بدمائه مترملا ترميلا ويكبرون إذا قتلت وإنما * قتلوا بك التكبير، والتهليلا لا يوم أعظم حسرة من يومه * إذ صار رهنا للمنون قتيلا وكأنما بك يا بن بنت محمد * قتلوا جهارا عامدين رسولا قتلوك عطشانا ولم يرتقبوا * في قتلك التأويل والتنزيلا فابكوا لمن قتلوا هناك وهتكوا * يا أهل بيت الجود والتفضيلا