يا من إذا عظم العزاء عليهم * كان البكاء حزنا عليه طويلا قال سهل: وتبعت الناس لأنظر من أين يدخلون بالرأس، فأتوا به إلى باب توما، فازدحم الناس، ولم يمكنهم الدخول فعدلوا إلى باب الكراديس، وإنما سمي بذلك، لأنهم تكردسوا فيه، واجازه إلى باب الساعات وسمي بذلك، لأنهم وقفوا بالرأس عنده ثلاث ساعات.
وأقبلت الرايات يتلو بعضها بعضا، وإذا بفارس بيده رمح طويل وعليه رأس وجهه أشبه بوجه رسول الله - صلى الله عليه وآله - وهو يتهلهل نورا، كأنه البدر الطالع، ومن ورائه النساء على أقتاب الجمال بلا وطاء ولا غطاء، على الأول أم كلثوم، وهي تنادي: وا أخاه، وا سيداه، وا محمداه، وا علياه!
ورأيت نسوة مهتكات، فجعلت انظر إليهن متأسفا، فأقبلت جارية على بعير، بغير وطاء ولا غطاء، عليها برقع خز، وهي تنادي: يا أخي، يا خالي، يا أبي، يا جدي، يا جدتي، وا محمداه، وا علياه، وا حسيناه، وا عباساه، هلكت عصابة محمد المصطفى، على يدي أبي سفيان وعتبة.
قال سهل: فجعلت أنظر إليها، فصاحت بي صيحة عظيمة، وقالت:
ويلك يا شيخ أما تستحي من الله تتصفح وجوه بنات رسول الله؟!
فقلت: والله يا مولاتي ما نظرت إليكم إلا نظر حزن وأنا مولى من مواليكم.
فقالت: من أنت؟
فقلت: أنا سهل بن سعد، قد رأيت جدك رسول الله من أنت رحمك الله؟