رآه بعضهم من فروع الدين فتساهل في تركه.
أو لعله كان في جملة الناقلين جمع من المنافقين كما قال تعالى: (ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم (1)) فحرصوا على الكتمان واستخرجوا لذلك النص شروطا لبسوا فيها على من اعتقد فيهم وعلى ضعفاء الأذهان، خصوصا والزمان كان لبني هند وبني مروان، فقد لعنوا عليا ألف شهر بالاعلان وشردوا أولاد نبيهم وشيعتهم في البلدان، وأخافوا من يروي لهم فضيلة في كل مكان و أوان، فالداعي إلى إنكار النصوص وهو حصول الرئاسة وموجب النفاسة، لم يوجد في إنكار العبادات، وذلك معلوم لمن سبر العبادات.
وأيضا فلو كان النص مكذوبا لم ينقله المنحرفون عن سبيل الإمامية، ولما نقلوه علم بطلان هذه الكلمة الفرية، فقد سخرهم الله سبحانه لنقل ما يخالف معتقدهم وينقض عليهم أمر دينهم، خرقا للعادة في حججه، وظاهر فلجه وسيأتي.
قالوا: نقل المخالف لعله كان قبل الثبوت عنده، فإن بعض المحدثين يروي الغث والسمين، أو كان ممن يتهم بالتشيع. قلنا: في هذا القدح يمكن أن يقدح في جميع الأحاديث المنقولة للأمة إذ لكل أحد أن يبطل قول خصمه بمثله.
قالوا: عندكم أن الأكثر ارتدوا بعد النبي صلى الله عليه وآله ولا تواتر في الباقين لقلتهم جدا قلنا: حديث الردة آحادي، ولو سلم فمحمول على أنهم تركوا الأولى كما حمل ما روي من معاصي الأنبياء.
على أن المتواترين لا يشترط فيهم اتحاد الدين، بل ربما يكون أوكد حيث صدر عن المختلفين، على أنكم أثبتم تواتر كثير من المعجزات، فيها استواء الطبقات وأثبتم القراءات المتواترات، وهي منتهية إلى السبعة المشهورات، بل واحدة فيها وردت عن واحد، ولم تخرج بذلك عن كونها من المتواترات.
قالوا: وعلماؤكم لا يثبت التواتر بهم لقلتهم، وعوامكم مقلدون لهم، فلا علم عندهم قلنا: أما علماؤنا فقد ملأت الخافقين رؤياهم، وبهر النيرين سناهم