فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون (1)) وقال: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا (2)).
وقد صرح طلحة والزبير ومعاوية وابن العاص وأتباعهم على علي بالحرب واللعن مع سماعهم قول النبي صلى الله عليه وآله: حربك حربي، الحق يدور مع علي حيث دار، فإذا جاز ذلك على العالمين بحاله، فعلى التابعين أجوز لا محالة.
إن قيل: إذ جاز كتمان النصوص للعلل التي ذكرتم، جاز أن تكتم الأمة العبادات، فلا وثوق بالشرعيات قلنا: قد علمنا بالضرورة عدم الزيادة على المنصوصات.
إن قيل: فلعل معجزات النبي صلى الله عليه وآله لم تكن في كثيرين فلهذا وقع الانكار لها من الجاحدين قلنا: قد علمنا تواترها معنى وإن كانت أفرادها آحادا، فقد اشتركت في الأمر الخارق، وهو متواتر، فعلم من حصول التواتر المعنوي حصول شرطه في المعنى، وكذا النصوص لو جوزنا كونها آحادا لكنها اشتركت في معنى واحد، وهو الاستخلاف، فحصل العلم به تواترا.
إن قيل: اعتقدوا أن حربه حربه، إذ لم يصدر منه عصيان، وقد صدر حيث لم يقتص من قتلة عثمان، والاجماع حجة. قلنا: هذا من الهذيان بل من البهتان كيف ذلك وقد أجمع الصحابة على قتل عثمان، والاجماع حجة بالحديث المقبول بلا نكران، وأيضا فعدم الاقتصاص إن كان حقا فلا عصيان، وإن كان باطلا انفك المتلازمان، وهما قوله: علي مع الحق والحق مع علي.
إن قيل: فلعل المعجزات وما اختلف فيه من الشرعيات كان متواترا، لكن اشتغلوا بالحروب عن نقلها، أو رآها بعضهم من فروع الدين فتساهل عنها في تركها واعتقدوا أن بعضهم يحفظها فصارت آحادا لقلة نقلها، فلهذا أمكن الجاحدين إنكارها. قلنا: ومن الذي يسد علينا هذا الباب ويفتحه لكم؟ فإنا نقول: كان نقل النصوص متواترا فمات بعض نقلته، واشتغلوا بالحروب عنه ومهمات الدنيا، أو