قلنا: حاصل هذا الكلام أن النص لو وقع لما وقع فيه الخلاف كما أنه لما نص على القبلة وغيرها لم يقع فيها الخلاف.
وقلنا: لو لم ينص لم يقع فيه الخلاف كما أنه لما لم ينص على أبي هريرة وشبهه فلم يقع فيه الخلاف، مع أنه قد اشتهر الانكار على المعتدين في الصدر الأول والتابعين، قال النابغة:
(نكث بنو تيم بن مرة عهده) وقال علي بن جنادة:
أيؤتى إليكم ما أتى من ظلامة * وفيكم وصي المصطفى صاحب الأمر وقال عتبة بن أبي لهب:
تولت بنو تيم على هاشم ظلما * وذادوا عليا عن إمارته قدما على أن قولكم: إن صدرت عن كثيرين وجب اشتهارها، معارض بكثير من معجزات النبي صلى الله عليه وآله حيث وقعت في كثيرين وقد ذاع في الجاحدين إنكارها، وقد اختلفت الصحابة في كثير من الأحكام كالإقامة وغيرها مع تكرارها، ولو سلمنا جدلا وجوب الانتشار لكنه مع فقد دواعي الإستار، لكن دواعي الكتمان موجودة من الحسد لقوم، بما أظهر النبي صلى الله عليه وآله من فضائلهم والحقد لآخرين، بما قتل أبوهم من أقاربهم، وتشبه على آخرين قول أبي بكر: الأئمة من قريش، فظنوا أنه ناسخ للنصوص فيهم، أو أنهم لما رأوا وجوه الصحابة تركوا العمل بها اعتقدوا أنهم لو لم يعلموا ناسخها لم يتركوها.
إن قيل: يبعد من الخلق الكثير إنكار المعلوم كما سلف قلنا: قد أسلفنا الجواب عنه، ونزيد هنا أن الصحابة لم تكن معاشر قوم موسى مع اتخاذهم العجل إلها على معرفتهم بربهم ونبيهم بفلق البحر لهم، وإظهار الأمر الخارق فيهم، ولولا أن القرآن جاء بذلك منهم، لم يصدق أحد إضافته إليهم، فما ظنك بالصحابة القليلين.
وكل واحد لو تدبر أحوال الخلق، رأى فيهم من الدواعي والهوى، ما يصرفه عن طريق الهدى، وقد قال تعالى: (يعرفونه كما يعرفون أبنائهم وإن