(5) فصل قد علمت أن النصوص متناجزة في أئمتنا عليهم السلام، متظاهرة في ساداتنا. وقد ذكرهم الله سبحانه في كتبه السالفة، وسخر لنقلهم الأمم الخالفة، ونقل النص بعددهم المخالف والمؤالف، ونطق بشرف قدرهم الجاهل والعارف، ووجدت الصفات المعتبرة في الاستحقاق في كل إمام، وحصلت الأسماء المنسوبة إليهم على الترتيب والنظام، وذلك أوضح دليل برهان، وأفصح حجة وبيان، على أنهم بعد النبي صلى الله عليه وآله أئمة الأزمان، وحجج الله على الإنس والجان. وقد جاء في قديم الأشعار، عدد الأئمة الأطهار: كشعر قس حكيم العرب فيهم، وشوقه إليهم وتحسره عليهم، وسيجئ وهو من الحجج اللامعة، والبراهين القاطعة، على ثبوت إمامتهم، وتحقيق ولايتهم، إذ لا يمكن حصول عرفانهم قبل أوانهم إلا بإعلام الخبير العلام.
ومن الأشعار أيضا ما أسنده الشيخ العالم أحمد بن عياش أن عبد الملك بن مروان بعث إليه عامله على المغرب (1): بلغني أن مدينة من صفر بمفازة من الأندلس بناها الجن لسليمان، وأودعها الكنوز وأن الإسكندر استعد عاما كاملا للخروج إليها فأخبر بموانع دونها [فلم يهم بها ظ] لبعد مسافتها وصعوبتها، وأن أحدا لم يهم بها إلا قصر عنها، فكتب عبد الملك إلى عامله أن يكثر من الأزواد، ويخرج إليها ففعل وبلغها وكتب إلى عبد الملك بأمرها وفي آخر كتابه: رأيت عند سورها كتابة بالعربية فقرأتها وأمرت بنسخها وهي هذه:
ليعلم المرء ذو العز المنيع ومن * يرجو الخلود وما حي بمخلود لو كان خلق ينال الخلد في مهل * لنال ذاك سليمان بن داود سالت له القطر عين القطر فائضة * بالقطر منه عطاء غير مردود فقال للجن ابنوا لي به أثرا * يبقى إلى الحشر لا يبلى ولا يودي