بعدها مدينة اسمها طلوم، سلطانها عبد الرحمن بن صاحب الأمر، رستاقها وضياعها شهران، وبعدها مدينة اسمها عاطن سلطانها هاشم بن صاحب الأمر، هي أعظم المدن مسيرة ملكها أربعة أشهر، فهذه المدن على كبرها لم يوجد فيها سوى الشيعة الذين لو اجتمع أهل الدنيا لكانوا أكثر منهم، فأقمنا سنة نتوقع ورود صاحب الأمر فلم يوفق لنا.
قال كمال الدين: فلما سمعه الوزير شدد علينا في كتمان ذلك.
تذنيب إن قيل: إذا كان في هذه الكثرة، فلم لا يخرج وينتصر بهم؟ قلنا: إن علام الغيوب قد يعلم عدم نصرتهم وإن كثروا، وقد أخر الله إغراق فرعون وقوم نوح مع إمكان تقديمه، ونصر نبيه بالملائكة في بدر مع إمكان تقديمه، ولعل نصرته بهم كانت مشروطة باجتماع الأنصار من الناس، وتكون نصرة المهدي موقوفة على اجتماع ثلاثمائة وثلاثة عشر من غيرهم، لاشتمالهم على صفات تختص بهم، فلا اعتراض للفجار الأشرار، على الحكيم المختار، العالم بالأسرار.
(16) فصل نذكر فيه شيئا مما اختلف الناس فيه من تعيين الأئمة بعد أمير المؤمنين عليه السلام.
فأول فرقة شذت من الإمامية الكيسانية قالت: بإمامة محمد بن الحنفية فذهب شذاذ منهم إلى أنه الإمام بعد أبيه، وأنه حي لم يمت، وأنه المهدي، و آخرون منهم قالوا بموته، وسيعود وهو المهدي، وأن الحسن والحسين إنما كانا يدعوان إليه. والأكثرون قالوا: إنه الإمام بعدهما، واحتجوا لإمامته بأنه كان صاحب رايته بالبصرة، كما كان علي صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وآله.
قلنا: معلوم أن النبي صلى الله عليه وآله أعطى الراية لمن ليست له إمامة.