عهدي الظالمين) أبطلت إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة وجعلها الله في أهل الصفوة والطهارة، فقال: ﴿ووهبنا له إسحق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا﴾ (1) الآية وقد استوفينا كلام هذين السيدين في باب إبطال الاختيار فليراجع منه.
تنبيه (2): إن قالوا: معصوم اسم مفعول، فيكون مجبورا على ترك العصيان في كل آن، ولا فخر في ذلك على انسان، قلنا: العصمة الملجئة من الله إنما هي من الغلط والنسيان وأما العصمة التي لا يقع منها عصيان فهي لطف يفعله الله، لا يوجب الاجبار، بل يجامع الاختيار، والانسان يعلم أنه يترك ذنوبا بحسب اختياره فالمعصوم يترك الجميع كذلك، إما للطف من نفسه بزيادة عقله وعلمه ومداومته على الفكر في أمور معاده، وملازمته على الطاعات بخلاف غيره، وإما من الله تفضيلا لا يوجب مشاركة غيره فيه، لكونه زايدا على القدر الواجب عليه، فلهذا لا يقال:
لو رزق الله تعالى أحدا ذلك لساواه في العصمة، ويكون اختصاص المعصوم بهذا لعلمه تعالى بقبول المحل له دون غيره، وفي هذا نظر لأنه يوجب أن لا يجعل الله للكافر لطفا لعلمه بعدم قبوله إلا أن يقال: الكلام في اللطف المتفضل به، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، أو نقول لا يلزم من وضعه في المحل القابل عدم وضعه في غير القابل ليحتج به على محله، فلا يلزم العبث في فعله.
إن قيل: فالمعصوم إن لم تنازعه نفسه إلى المعصية فلا مشقة في تركها، فأحدنا أعظم أجرا منه، وإن نازعته لم يؤمن أن يكون طاهرا باطنا. قلنا: بل الشهوة الطبيعية موجودة فيه، والمراد من الطهارة الباطنة عدم إرادة المعصية لا عدم شهوتها وبينهما فرقان، على أنه لو دلت صيغة (معصوم) على المفعول، لم يكن الله تعالى موجودا لأنها صيغة مفعول، وهو على الله تعالى محال، وقد جاء مفعول بمعنى فاعل