وأيضا فالإمام نصب لدفع المكلف عن الشهوات والميل عن الحق، ولا يمكن ذلك بدون اطمئنانه، والاطمئنان مطلوب لقوله تعالى: (وما جعله الله إلا ذكرى لكم ولتطمئن قلوبكم (1)) ولا يطمئن إلا إذا كان الدافع له موصوفا بذلك، فإن من أمر بمعروف ولم يفعله لم يثق المكلف به، ولا يوصف بالميل عن الشهوات وإلى الحق دائما إلا المعصوم، ولهذا لما تولى غيره أمر الخليفة، اتبع الشهوات، ومال إلى اللذات، وكثر ذلك في الرعية، وشاع الفساد في البرية، ولما مالت علماء السوء إلى ذلك قررت الاتباع ما يرفع اللوم عنهم، من كون الله كتب ذلك عليهم، و خلقه فيهم، ولا حيلة لهم في دفعه، ولا قدرة لهم على منعه، بل جميع المناهي واقعة بطريق الاجبار، كل ذلك حتى لا يعودون عليهم بالانكار.
تذنيب: كل آيات الوعد والوعيد، والأمر والنهي، والحث على التمسك بالدين والمن بالارشاد إلى طريق المؤمنين، وما فيه ذكر الظالمين والفاسقين والمعتدين والمبدلين، وغير ذلك من جنسه وغير جنسه كثير مخزون في الكتاب المبين، من أتقن ما أصلناه منه، قدر على استخراج ما سكتنا عنه، وتبين له الاحتياج إلى المعصوم في كل فرد من أفراده، وأنه بدونه لا يصل إلى كنه مراده، ومن طلب ذلك بوجوه تفصيله فكتاب الألفين تكفل بتحصيله، وفيما وضعنا في هذا الكتاب من الفصول والأقطاب غنية لأولي الألباب عن الإطناب، في القصد إلى سبيل الصواب.
(الفصل السابع) قالوا: إن قلتم: إن عليا كان إماما في عصر النبي خرقتم الاجماع، وإن قلتم: لا، جاز كون باطنه في تلك الحال على غير العصمة، لعدم الإمامة وحينئذ لا يضر العصيان من غيره تقدم إمامته. قلنا: علي وإن لم يكن إماما في حياة النبي فإنه كان معصوما لأجل إمامته بعده، لئلا يقع التنفير عنه، كالنبي قبل بعثته