الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
القطب الأول وفيه الآيات المتضمنة للرحمة مثل: (بسم الله الرحمن الرحيم. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة. إن رحمة الله قريب من المحسنين. إنه هو الغفور الرحيم.
كتب ربكم على نفسه الرحمة (1)) ونحو ذلك كثير مما فيه نسبة الرحمة إلى الله سبحانه كثير، يستغنى بالإشارة إلى مجمله، عن التطويل بمفصله، إذ لو سبرنا باقي أفرادها خرجنا عن قيد الوجيز بإيرادها يجدها في الكتاب العزيز من أرادها.
ووجه الاستدلال بها أن الرحمة إنما يكون ثبوتها بفعل مأمورات التكاليف وترك منهياتها، وإنما يكون ذلك بالألطاف المقربة إليها، المصرفة للقوى الشهوية والغضبية عنها، ولا أهم في ذلك من المعصوم في كل زمان، إذ منه تستفاد علوم أحكام السنة والكتاب لكل انسان، فترك نصبه يعود بالتعطيل على الأحكام، العائد على نفي الرحمة عن الحكيم العلام، فلا يكون لآيات الرحمة معنى معقولا، وهو تناقض لا يصدر إلا ممن كان غبيا جهولا.
القطب الثاني في الآيات المتضمنة للتقوى: (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى. هدى للمتقين. إنما يتقبل الله من المتقين. وآتاهم تقواهم. إن المتقين في جنات و نعيم (2)) ونحو مما يقرب إليه ويعول في هذا المعنى عليه.
ووجه الاستدلال بهذه الآيات أن التقوى المحثوث عليها، المرغب فيها إنما تحصل بامتثال الأوامر وإهمال الزواجر فإن لم يكن للمكلف طريق يؤدي إلى العلم بذلك على الاطلاق، لزم التكليف بما لا يطاق، فإن كان الطريق إلى الظن مؤديا، فإن الظن لا يغني من الحق شيئا، وغير المعصوم لا يجب التعويل