وثانيا: عدم تكرير (أطيعوا) لا يدل على عدم عموم الطاعة وإلا لدل في حق الرسول فإنه تعالى قال في موضع آخر: (أطيعوا الله ورسوله (١)) فلم يجب طاعته في كل شئ وهو باطل بالاجماع.
إن قيل: فهذه وإن لم تدل على عموم الطاعة، لكن الأولى دلت فبها عمت قلنا: الآية الخالية من التكرير سواء تقدمت على هذه أو تأخرت لزم منها تبعيض طاعة الرسول في بعض الأوقات وهو باطل بالاجماع وإنما لم يقل في آية النزاع و إلى أولي الأمر منكم إيماء إلى أن طاعتهم قسم من طاعة الرسول ويؤيده: (إن كنتم تؤمنون) على الشك والإمام ليس في إيمانه شك.
وثالثا: أن طاعة الله ورسوله واجبة دائما، والمعطوف عليهما بحكمهما، ولا يجب طاعة غير المعصوم دائما.
قالوا: أولوا الأمر أمراء السرايا. قلنا: لم يجتمع العلم فيهم الذي أمر الله بالرجوع فيه إليهم في قوله ﴿ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم﴾ (2) على أن أول أمراء السرايا علي بن أبي طالب كما رواه الشعبي عن ابن عباس في تفسير مجاهد أن الآية نزلت في علي حين استخلفه في المدينة النبي، وفي إبانة الفلكي أنها نزلت حين شكا أبو بردة من علي.
قالوا: هم علماء العامة. قلنا: لا يأمر الله باتباعهم لوجود الاختلاف بينهم بل التناقص فيهم.
ومنها قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين (3)) ثم بين الصادقين في الآية الأخرى وهي قوله تعالى: (والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا (4) وحين البأس اشتداد الحرب، وتواتر الطعن والضرب، وقد هرب من لا خفاء فيه، ولزب من لا غطاء