الشرع، فلولا العصمة لجاز الغلط والتبديل المؤديان إلى التضليل، والكتاب لا يحيط بالأحكام، إذ لا تعين فيه لكثير منها كعدد الركعات، ومقادير الزكوات.
ولأن الكتاب في نفسه لا بد له من حافظ موثوق به، وبهذا يندفع ما قد تهول به من قول أمير المؤمنين في نهج البلاغة (لم يخل الله خلقه من نبي مرسل أو كتاب منزل أو حجة لازمة أو محجة قائمة) فإن ظاهر الترديد الذي فيه منع الخلو يقتضي الاكتفاء بالكتاب قلنا: في الكتاب، الآيات المتشابهات، والمجملات، و أوامر خفيات خبط المفسرون فيها، فاتباع بعضهم لا ترجيح فيه والكل غير ممكن لتضاد القول وتنافيه، فلا بد من معصوم يتعين الرجوع إليه، والتعويل في ذلك عليه، ومنع الخلو ليس فيه منع الجمع، بل قد يجب الجمع، فإن الانسان لا يخلو من الكون واللون مع لزوم الجمع فيهما فكذا هنا.
اعترض القاضي بأن القرآن غني عن التأويل إذ بينه النبي، فلا حاجة إلى الإمام، أجاب المرتضى بأن ذلك مكابرة فإن اختلاف العلماء فيه لا خفاء فيه، ولو قدر أن النبي صلى الله عليه وآله بينه فلا بد من الإمام لينقل بيانه، إذ الأمة غير مأمونة على ذلك.
اعترض القاضي بأن الإمام لما لم يمكن مشافهته للكل علم أنه لا بد من ناقل إما متواتر أو غيره وكلاهما لازم بعد موت النبي. أجاب المرتضى بأن الإمام حي مراع لبيانه عن التبديل، وكذا الإمام الآخر بعده، بخلاف ما بعد الرسول وهو ظاهر معقول، ولا السنة. بخروج كثير من الأحكام عن الروايات ولا القياس لبناء الشرع على جمع الممكنات، وقد أبطله الرازي من أربعين وجها، والاستحسان والرأي أيضا لم يحفظاه إذ فيهما أنواع الضلالات، ولا مجموع الأمة لجواز الخطأ على آحادها فجاز على جميعها، لأنه يصدق بالضرورة الحسية سلب العصمة من بعض الرعية، فيكذب نقيضه وهو إثبات العصمة لكل الرعية، إذ نقيض السالبة الجزئية الموجبة الكلية.
قالوا: ينقض هذا قول النبي صلى الله عليه وآله (لا تجتمع أمتي على ضلال) قلنا: هذا