عليه، ومن المعلوم الضروري أنه لم يكن لأحد من الثبات والقتل ما لعلي حتى قالت عايشة مع شدة بغضها له لما بلغها قتله: لتفعل الحرب ما شاءت، فليس لها من ينهاها. وقد أمر الله تعالى بالكون معه ومع ذريته الداخلين في صفته فوجب الانحراف والتخلف عمن ليس ذلك من نعته، بل هرب عن رسول الله في أكابر حروبه.
وأيضا قوله تعالى: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا (1)) روى المفسرون أنها نزلت في علي وحمزة ولا ريب أنه لما قتل حمزة اختصت بعلي فأمن منه التبديل بحكم التنزيل وروى اختصاصها بعلي: ابن عباس، والصادق، وأبو نعيم الحافظ، وصدق ذلك طائفة ما روي عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: (واجعل لي لسان صدق في الآخرين (2)) قال هو علي بن أبي طالب لأن الله تعالى عرض على إبراهيم ولايته فسأله أن يجعلها في ذريته ففعل. شعر:
فهذي المزايا بعض ما حلى به * وجيئ من الخيرات والبركات نطقت بها آي الكتاب وحسبها * أن جاء شاهدها من الآيات إن قيل: (صدقوا) و (ما بدلوا) ماضيان، فلا يدلان على عدم التبديل في مستقبل الأزمان قلنا: قد أريد بالماضي الاستقبال كما في قوله تعالى (ونادوا يا مالك (3)) (ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة (4)) (وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار (5)).
إن قيل: هو من المجاز. قلنا: يتعين الحمل عليه لقول النبي صلى الله عليه وآله فيه:
علي يدور مع الحق حيث دار، وغيره، وقد بلغ في الاشتهار إلى حد يمتنع فيه الانكار.
قال إمامهم الرازي: ليس المراد بالصادقين من كان صادقا في بعض الأمور