قبل يوم الغدير، إذ فيه أنزل: (اليوم أكملت لكم دينكم (1)) ولزم أن من مات قبل ذلك، لم يكن مؤمنا لفوات ركن من إيمانه، وفيه تأخير البيان عن [وقت] الحاجة، وإن لم تكن ركنا لم يضر تركها.
قلنا: هي ركن من بعد موت النبي صلى الله عليه وآله لقيامه مقامه، فلا تأخير عن الحاجة ولا شك أن دين النبي صلى الله عليه وآله إنما تكمل تدريجا بحسب الحوادث، أو أنه كمل قبل فرض التكليف، والميتون قبل الغدير كمل الدين لهم بالنبي صلى الله عليه وآله، والخطاب للحاضرين، وليس فيه تكميل الدين لغيرهم.
على أن النبي صلى الله عليه وآله نص على علي في مواضع شتى في مبدأ الأمر، وسيأتي شئ منها في آخر هذا الباب.
تذنيب آخر:
قد سلف [أن] لفظة مولى مرادفة للأولى، لأن النبي صلى الله عليه وآله قال: ألست أولى، ثم قال: فمن كنت مولاه فعلي له مولى، وقال الله تعالى: (النار مولاكم) (2) وذكر ذلك أبو عبيدة وابن قتيبة ولبيد في قوله: (مولى المخافة خلفها وأمامها (3)) والأخطل في قوله) فأصبحت مولاها من الناس كلهم) (4) وذكر ذلك القول في كتاب معاني القرآن وابن الأنباري في كتاب مشكل القرآن.
وقد روي أن ابن مسعود قرأ: (إنما مولاكم الله ورسوله) (5) وقد فهم كل من حضر أن المراد بالمولى الإمامة، ولو أراد غيرها لما أقرهم النبي صلى الله عليه وآله عليها إذ نوهوا في أشعارهم بها، وكذا القيام في ذلك الحر الشديد، والتهنئة والبخبخة وقد استعفى النبي صلى الله عليه وآله ثلاثا فلم يعفه، وخاف أن يقتله الناس، فبشره بالعصمة منهم.