على وقوع المعصية والكلام في جوازها وليس كل جايز واقع فجاز أن لا يقع فلا يلزم المحذور المذكور إلا أن يقال: إن من خالط الناس واطلع على بواطنهم وجدهم لا ينفكون عن فعل قبيح، ولهذا إن الأئمة المنصوبين من قبل الرعية وقعت منهم الخطيئات، وسنذكر ذلك في باب مفرد من أراده راجعه.
ولأن فرض وقوع المعصية منه، يوجب كونه ظالما، فلا إمامة له من أحكم الحاكمين، لقوله تعالى (لا ينال عهدي الظالمين (1)) وغير المعصوم بالفعل يصدر منه ذنب بالضرورة، وكل من يصدر منه ذنب ظالم، فكل غير معصوم بالفعل ظالم، وكل ظالم ليس بإمام للآية.
وفي هذا نظر إذ إمكان وقوع المعصية لا يستلزم الظلم، فلا يستلزم عدم الإمامة وإنما المستلزم له وقوعها لا إمكانه وقد تقرر في المنطق اشتراط فعلية الصغرى في الشكل الأول على الأقوى لأنها لو كانت ممكنة لم يندرج الأصغر في الأوسط المحكوم عليه بالأكبر، لأن حصول الأوسط للأصغر بالامكان، لا يوجب حصول الأكبر للأصغر، لجواز أن لا يخرج الامكان إلى الفعل، إذ ليس كل منكر واقع إلا أن نقول: إنا استقرينا أحوال الناس في هذه المادة، فوجدنا الامكان لا ينفك عن الوقوع فجزمنا بصيرورتها فعلية، أو نقول: الثلاثة عصوا إجماعا حال كفرهم فظالمون، فلا ينالهم عهد الإمامة.
إن قيل: الاسلام يجبه فينالهم العهد. قلنا: ولد إبراهيم كان مسلما ومنعه الله بكفره السابق، وقد ذكر علي بن أبي طالب عليه السلام مع عصمته في نهج بلاغته أن من عبد غير الله أو كذب أو همز أو فر من زحف أو ظلم فلا إمامة له، وهذا الكلام يشمل السابق واللاحق ثم تلا قوله تعالى (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا (2)) وقد أسند الشيخ أبو جعفر القمي إلى الرضا عليه السلام أن آية (لا ينال .