استقامتهم للوعة (1) التي في صدور أكثرهم، وقد علمت ما حدث من الرعية و قتالهم، بخلاف أبي بكر، فإنه لعدم قتله فيهم، أقبلوا عليه بقلوبهم، وطمعوا منه في الرخص لميل طبائعهم، وعلمهم أن عليا عليه السلام يحملهم على الجادة الوعرة، و لأن المسؤول عن أمر إذا تمنع منه [كان] مجريا لسائله على تكرير سؤاله، وما أحق ما قيل من الأشعار في بطلان الاختيار:
إذا كان لا يعرف الفاضلين * إلا شبيههم في الفضيلة فمن أين للأمة الاختيار * لولا عقولهم المستحيلة فإن كان إجماعهم حجة * فلم ناقض الشيخ فيها دليله وعاد إلى النص يوصي به * ومن قبل خالف فيه رسوله وقام الخليفة من بعده * يسن الضلال ويهدي سبيله ويزعم بيعته فلتة * ويصدق لا صدق الله قيله ويجعلها بعد في ستة * معلقة بشروط طويله وما كان أعرفه بالإمام * ولكن تضليله عنه حيله تذنيب:
إن قالوا: قد يعلم الفاضل من ليس بفاضل، فإن المرجوح يعلم فضل أبي حنيفة في الفقه، وسيبويه في النحو، على نفسه. قلنا: أما على نفسه فنعم وأما أنه يعلم أفضليته على غيره، فلا.
(الفصل السابع) نصب القاضي لا يصلح بالاختيار اتفاقا فأولى أن لا تصح الإمامة العظمى به التزاما، ولو جازت الإمامة بالبيعة، جازت القضاء بالأولى، ولأن الإمام، خليفة الله وخليفة رسوله، فكيف لم يثبت إلا ببيعة الخلق له ويترك النص له وأيضا لا يجوز الاختيار قبل النظر في الكتاب الذي هو (تبيانا لكل شئ (2)) فينزعونه منه.