أخي انها فجرت فرجمها وانا أخاف ان أكون قد ضيعتها فاستغفري لي غفر الله لك فقالت: غفر الله لك اجلس، فأجلسته إلى جنب الملك، ثم اتى القاضي فقال لها:
انه كان لاخى امرأة وانها أعجبتني فدعوتها إلى الفجور فأبت فأعلمت الملك انها قد فجرت وأمرني برجمها فرجمتها وانا كاذب عليها فاستغفري لي فقالت غفر الله لك ثم أقبلت على زوجها فقالت: اسمع، ثم تقدم الديراني فقص قصته وقال: أخرجتها بالليل وانا أخاف أن يكون قد لقيها سبع فقتلها فاستغفري لي فقالت غفر الله لك اجلس، ثم تقدم القهرمان وقص قصته وقالت للديراني: اسمع غفر الله لك، ثم تقدم المصلوب فقص قصته فقالت: لا غفر الله لك، ثم أقبلت على زوجها فقالت: انا امرئتك وكلما سمعت فأنما هو قصتي وليست لي حاجة في الرجال فأنا أحب أن تأخذ هذه السفينة وما فيها وتخلى سبيلي فأعبد الله عز وجل في هذه الجزيرة فقد ترى ما قد لقيت من الرجال ففعل واخذ السفينة وما فيها، وانصرف الملك وأهل مملكته.
فانظر رحمك الله إلى تقوى هذه المرأة كيف عصمها الله من ثلاثة أهوال شداد:
خلصها الله من الرجم، وتهمة القهرمان، ومن رق التجار، ثم انظر ما بلغ من كرامتها على الله تعالى بأن جعل رضاه مقرونا برضائها، ومغفرته مقرونة بمغفرتها، وكيف جعل من نصب لها مكرا وهيأ لها مكروها خاضعا لها وطالبا منها المغفرة والرضا، وكيف رفع من قدرها ونوه بذكرها حيث أمر نبيها بأن يحشر إليها الملوك والقضاة والعباد ويجعلونها بابا إلى الله تعالى، وذريعة إلى رضوانه (1).
وفى هذا المعنى ما ورد في الحديث القدسي: يا ابن آدم أنا فقير لا أفتقر أطعني فيما أمرتك أجعلك غنيا لا تفتقر يا ابن آدم انا حي لا أموت أطعني فيما أمرتك أجعلك حيا لا تموت يا ابن آدم أنا أقول للشئ: كن فيكون أطعني فيما أمرتك أجعلك تقول للشئ: كن فيكون.