الأكدر والعيون تدمع والمنية تلمع والصفايح تنزع، ثم عدد وقايع النبي وقرعهما بأنهما في هذه المواقف كلها كانا مع النظارة، ثم قال: ما هذه الدهماء والدهياء التي وردت علينا من قريش أنا صاحب هذه المشاهد وأبو هذه المواقف وأين هذه الأفعال الحميدة إلى آخر الخطبة، قال الناشي:
فلم لم يثوروا ببدر وقد * تبلت من القوم إذ بارزوكا ولم عردوا إذا شجيت العدى * بمهراس أحد ولم نازلوكا ولم اجمحوا يوم سلع وقد * ثبت لعمرو ولم أسلموكا ولم يوم خيبر لم يثبتوا * صحابة أحمد واستركبوكا فلاقيت مرحبا والعنكبوت * واسد يحامون إذا وجهوكا فدكدكت حصنهم قاهرا * وطوحت بالباب إذ حاجزوكا ولم يحضروا بحنين وقد * صككت بنفسك جيشا صكوكا فأنت المقدم في كل ذاك * فلله درك لم أخروكا ومن نهج البلاغة: اللهم إني استعديك على قريش فإنهم قد قطعوا رحمي وكفروا آبائي وأجمعوا على منازعتي حقا وكنت أولى به من غيري وقالوا الا ان في الحق ان يأخذه وفي الحق أن نمنعه فأصبر مغموما أو مت متأسفا فنظرت فإذا ليس رافد ولا ذاب ولا مساعد إلا أهل بيتي فضننت بهم على المنية فأغضيت على القذي وجرعت ربقي على الشجى وصبرت على الأذى وطبت نفسي على كظم الغيظ وما هو أمر من العلقم وألم من حر الشفار.
الشقشقية، المقمصة: أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وأنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح مؤمن حتى يلقى ربه فرأيت أن الصبر على هاتي أحجى فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى أرى تراثي نهبا حتى مضى الأول لسبيله فادلى بها إلى فلان بعده، ثم تمثل بقول الأعشى:
شتان ما يومى على كورها * ويوم حيان أخي جابر فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته لشد ما نشطر اضرعيها