حياضها يوم ورودها، حتى ظننت أنكم قاتلي، وأن بعضكم قاتل بعض، فبسطت يدي فبايعتموني مختارين، وبايعني في أولكم طلحة والزبير طائعين غير مكرهين، ثم لم يلبثا أن استأذناني في العمرة، والله يعلم أنهما أرادا الغدرة، فجددت عليهما العهد في الطاعة وأن لا يبغيا للأمة الغوائل، فعاهداني ثم لم يفيا لي ونكثا بيعتي ونقضا عهدي، فعجبا لهما من انقيادهما لأبي بكر وعمر وخلافهما لي، ولست بدون أحد الرجلين! ولو شئت أن أقول لقلت، اللهم احكم عليهما بما صنعا في حقي، وصغرا من أمري، وظفرني بهما) (1).
فصل ثم تكلم عليه السلام في مقام آخر بما حفظ عنه في هذا المعنى، فقال بعد حمد الله والثناء عليه:
(أما بعد: فإن الله تعالى لما قبض نبيه عليه السلام قلنا:
نحن أهل بيته وعصبته وورثته وأولياؤه وأحق الخلائق به، لا ننازع حقه وسلطانه، فبينا نحن [على ذلك]، (2) إذ نفر المنافقون فانتزعوا سلطان نبينا منا وولوه غيرنا، فبكت - والله - لذلك العيون والقلوب منا جميعا معا، وخشنت (3) له الصدور، وجزعت النفوس جزعا أرغم.