فقلت له: سبحان الله، والله إنك لصبور.
قال: (فأصنع ماذا؟!).
فقلت: تقوم في الناس وتدعوهم إلى نفسك، وتخبرهم أنك أولى بالنبي صلى الله عليه وآله بالفضل والسابقة، وتسألهم النصر على هؤلاء المتمالئين عليك، فإن أجابك عشرة من مائة شددت بالعشرة على المائة، فإن دانوا لك كان ذلك على ما أحببت، وإن أبوا قاتلتهم، فإن ظهرت عليهم فهو سلطان الله الذي آتاه نبيه عليه السلام وكنت أولى به منهم، وإن قتلت في طلبه قتلت شهيدا وكنت أولى (1) بالعذر عند الله، وأحق بميراث رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقال: (أتراه - يا جندب - يبايعني عشرة من مائة؟!).
قلت: أرجو ذلك.
قال: (لكنني لا أرجو ولا من كل مائة اثنين، وسأخبرك من أين ذلك، إنما ينظر الناس إلى قريش، وإن قريشا تقول: إن آل محمد يرون لهم فضلا على سائر الناس، وإنهم أولياء الأمر دون قريش، وإنهم إن ولوه لم يخرج منهم هذا السلطان إلى أحد أبدا، ومتى كان في غيرهم تداولتموه بينكم، ولا - والله - لا تدفع قريش إلينا هذا السلطان طائعين أبدا).
قال: فقلت له: أفلا أرجع فأخبر الناس بمقالتك هذه، وأدعوهم إليك؟.