السورة، وقوله تعالى قبلها بمدة طويلة: ﴿لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون﴾ (1).
فكانت الأعين إليها ممتدة، والرقاب إليها متطاولة، ودبر رسول الله صلى الله عليه وآله الأمر فيها بكتمان مسيره إلى مكة، وستر عزيمته على مراده بأهلها، وسال الله - عز اسمه - أن يطوي خبره عن أهل مكة حتى يبغتهم بدخولها، فكان المؤتمن على هذا السر والمودع له - من بين الجماعة - أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فكان الشريك لرسول الله صلى الله عليه وآله في الرأي، ثم نماه النبي صلى الله عليه وآله إلى جماعة من بعد، واستتب الأمر فيه على أحوال كان أمير المؤمنين عليه السلام في جميعها متفردا من الفضل بما لم يشركه فيه غيره من الناس.
فمن ذلك أنه لما كتب حاطب بن أبي بلتعة -، وكان من أهل مكة، وقد شهد بدرا مع رسول الله - كتابا إلى أهل مكة يطلعهم على سر رسول الله صلى الله عليه وآله في المسير إليهم جاء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بما صنع وبنفوذ كتاب حاطب إلى القوم فتلافى ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، ولو لم يتلافه به لفسد التدبير الذي بتمامه كان نصر المسلمين.
وقد مضى الخبر في هذه القصة فيما تقدم، فلا حاجة بنا إلى إعادته.