وقولي إذا ما الفضل شد بسيفه * على القوم أخرى - يا بني - ليرجعوا وعاشرنا لاقى الحمام بنفسه * لما ناله في الله لا يتوجع يعني به أيمن بن أم أيمن.
ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله هزيمة القوم عنه، قال للعباس رضي الله عنه - وكان رجلا جهوريا صيتا -: " ناد في القوم وذكرهم العهد " فنادى العباس بأعلى صوته: يا أهل بيعة الشجرة (1)، يا أصحاب سورة البقرة (2) إلى أين تفرون؟ اذكروا العهد الذي عاهدتم (3) عليه رسول الله صلى الله عليه وآله، والقوم على وجوههم قد ولوا مدبرين، وكانت ليلة ظلماء، ورسول الله في الوادي والمشركون قد خرجوا عليه من شعاب الوادي وجنباته ومضايقه مصلتين بسيوفهم وعمدهم وقسيهم.
قالوا: فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الناس ببعض وجهه في الظلماء، فأضاء كأنه القمر ليلة البدر. ثم نادى المسلمين: " أين ما عاهدتم الله عليه؟ " فأسمع أولهم وآخرهم، فلم يسمعها رجل إلا رمى بنفسه إلى الأرض، فانحدروا إلى حيث كانوا من الوادي، حتى لحقوا بالعدو فواقعوه.
قالوا: وأقبل رجل من هوازن على جمل له أحمر، بيده راية سوداء في رأس رمح طويل أمام القوم، إذا أدرك ظفرا من المسلمين