فاجتهد ولم يغن شيئا، فعاد يؤنب القوم الذين اتبعوه ويؤنبونه.
فلما كان من الغد تعرض لها عمر، فسار بها غير بعيد، ثم رجع يجبن أصحابه ويجبنونه.
فقال النبي صلى الله عليه وآله. " ليست هذه الراية لمن حملها، جيئوني بعلي بن أبي طالب " فقيل له: إنه أرمد، فقال. " أرونيه تروني رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، يأخذها بحقها ليس بفرار ".
فجاؤوا بعلي عليه السلام يقودونه إليه، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: " ما تشتكي يا علي؟ قال: رمد ما أبصر معه، وصداع برأسي، فقال له: اجلس وضع رأسك على فخذي " ففعل علي عليه السلام ذلك، فدعا له النبي صلى الله عليه وآله وتفل في يده فمسحها على عينيه (1) ورأسه، فانفتحت عيناه وسكن ما كان يجده من الصداع، وقال في دعائه له: " اللهم قه الحر والبرد " وأعطاه الراية - وكانت راية بيضاء - وقال له: " خذ الراية وامض بها، فجبرئيل معك، والنصر أمامك، والرعب مبثوث في صدور القوم، واعلم - يا علي - أنهم يجدون في كتابهم: أن الذي يدمر عليهم اسمه آليا (2)، فإذا لقيتهم فقل: أنا علي، فإنهم يخذلون إن شاء الله ".
قال علي عليه السلام: " فمضيت بها حتى أتيت الحصون، فخرج مرحب وعليه مغفر وحجر قد ثقبه (3) مثل البيضة على رأسه، وهو