182 - وما نقموا عليه: أنه لما ولى، قال للناس: لا تفردوني من عيالي، فإنه لابد لي ولكم من كري أعطيه على القيام بأمركم وصلاتكم وحجكم، وجهاد عدوكم، وإقامة الحدود وغير ذلك من دين الله الذي بعث به محمد، ففرضوا له ثلاثة دراهم في كل يوم على قيامه بأمرهم، فكانت صلاته بهم، وجهاده، وحكمه، وغير شئ من أعمال البر بكرى، و إجماع الأمة أنه من عمل شيئا من أعمال البر بكرى كان عمله فاسدا مردودا عليه وأن الصلاة خلف المستأجر فاسدة، وجعل ذلك يقوم من بعده، وللأمة التي تعمل شيئا من أعمال البر، فليس أحد من الأمة يعمل عملا من أعمال البر من قضاء أو حكم، أو تعليم قرآن الا طلب عليه الكري، اقتداء به وبصاحبه واستنانا بسنته، فذهبت الحسنة من الناس بتعليم الخير، ورأوا أخذ الكرى أصلح وأجدى عليهم في دنياهم.
فمن هاهنا أخذ القضاة الكرى على الحكم وقالت الفقهاء: أعطونا نحدثكم وقال المؤذنون: أعطونا نؤذن لكم، وقالت القصاص أعطونا نقص لكم، وقال الأئمة: أعطونا نؤمكم في شهر رمضان، وقال الله جل ذكره خلاف هذا، وأخبر عن الأنبياء، وخلائف الأنبياء، أنهم لم يسألوا أحدا شيئا على ما أتوهم به، فقال: (اتبعوا من لا يسئلكم أجرا وهم مهتدون) (1) ولا نعلم نبيا من الأنبياء، ولا عالما من العلماء يريد بعلمه يسأل شيئا، لا ذهبا ولا فضة، فهذا ما سنه الحبران الفاضلان؟!.