النبي (صلى الله عليه وآله) قد أمره عليه وعلى صاحبه، وقد كان أمر أن يجهز جيش أسامة، فلما رأيته قد تخلف وطمع في الامارة، ورأيت انثيال الناس عليه أمسكت يدي، ورأيت أني أحق بمقام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في الناس ممن قد رفض نفسه، فلبثت ما شاء الله حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الاسلام وأظهرت ذلك يدعون إلى محو دين الله، وتغيير ملة محمد (صلى الله عليه وآله) فخشيت أن لم أنصر الاسلام وقعدت، أن أرى فيه ثلما وهدما، تكون مصيبته علي أعظم من فؤت ولاية أموركم التي إنما هي متاع أيام قلائل، ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب، وينقشع كما ينقشع السحاب.
ورأيت الناس قد امتنعوا بقعودي عن الخروج إليهم، فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فتألفته، ولولا أني فعلت ذلك لباد الاسلام، ثم نهضت في تلك الاحداث حتى أناخ الباطل، وكانت كلمة الله هي العليا ولو كره المشركون.
ثم إن سعد بن عبادة، لما رأى الناس يبايعون أبا بكر، نادى: والله ما أردتها حتى صرفت عن علي، ولا أبايعكم أبدا حتى يبايعكم علي ولعلي لا أفعل وإن بايع، وأحببت أن أقطع قول سعد فركب فرسه وأتى حوران (1)، وأقام في غسان حتى هلك، وأبى أن يبايع.