بالخصومة».
* الشرح:
قوله: (عن عبد الرحمن بن الحجاج عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): يدخل النار المؤمن؟ قال: لا والله، قلت: فما يدخلها إلا كافر؟ قال: لا إلا من شاء الله) أي لا يدخلها أحد غير كافر إلا من شاء الله أن يدخلها وهذا وسط بين المؤمن والكافر لما ستعرفه خلافا لزرارة حيث ينفي الوسط بينهما وكأنه تمسك بقوله تعالى: (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن) وبقوله تعالى (فريق في الجنة وفريق في السعير) وفي دلالتهما على ذلك منع. قال: (فلما رددت عليه مرارا قال لي: أي زرارة إني أقول: لا وأقول: إلا من شاء الله وأنت تقول: لا ولا تقول: (إلا من شاء الله) المفهوم من قوله (عليه السلام) «إلا من شاء الله» أن غير الكافر قد يدخل النار وقد فهم من قوله: (عليه السلام) (لا والله) أن المؤمن لا يدخل النار فقد فهم منهما أن هذا الغير ليس بمؤمن ولا كافر فهو وسط بينهما، وإنما لم يأت (عليه السلام) بعد قوله: (لا والله) بالاستثناء ولم يقل: إلا ما شاء الله لعدم احتماله إذ المؤمن لا يدخل النار قطعا بخلاف قوله: (لا) في السؤال الثاني فإنه يجوز فيه الاستثناء فإن المستثنى منه المقدر في قول زرارة (فما يدخلها إلا كافر؟) وهو أحد يصدق بعد استثناء الكافر، على المؤمن وغيره، وغيره قد يدخل النار فلذلك استثناه بقوله: (إلا من شاء الله) وجوز دخوله في النار بمشيئة الله تعالى، وأما زرارة فلما خص المستثنى منه بالمؤمن ترك الاستثناء ولم يقل: إلا ما شاء الله. ومما قررنا ظهر أن مناط الفرق بين القولين هو هذا الاستثناء وتركه فإن الأول يوجب ثبوت الواسطة والثاني عدمه.
(قال: فحدثني هشام بن الحكم وحماد، عن زرارة قال: قلت في نفسي: شيخ لا علم له بالخصومة) قال زرارة: النار لا يدخلها إلا كافر، صادق بدون الاستثناء ولا يثبت الحاجة إليه إلا بإبطال قوله وبيان فساده، ولما تكرر الكلام ولم يبين (عليه السلام) فساده أساء زرارة وأضمر بأنه شيخ لا علم له بالخصومة والمناظرة إذ لابد في مقام المناظرة وإثبات المدعى من إبطال قول الخصم وبيان فساده، فلما علم (عليه السلام) ما أضمره تصدى بيان فساد قوله بمقدمة مسلمة عنده وهي أن ضعفاء المسلمين الذين ليس لهم معرفة بالدين وهم مقرون بحكمه مندرجون تحت يده وقدرته وان خدمه وأهليه المستضعفين غير مؤمنين عنده ولا كافرين لأنه لا يجوز قتلهم ولو كانوا كافرين لجاز، وانتفاء اللازم يدل على انتفاء الملزوم وهو كفر هؤلاء يستحقون النار بزعمه فلزم من ذلك أن النار لا يدخلها إلا كافر على الإطلاق ليس بصحيح بل لابد من التقييد بالاستثناء كما ذكره (عليه السلام) وهذا ما نقله زرارة عنه (عليه السلام).