اسجد لآدم فأبى أن يسجد، فالكفر أعظم من الشرك فمن اختار على الله عز وجل وأبى الطاعة وأقام على الكبائر فهو كافر ومن نصب دينا غير دين المؤمنين فهو مشرك».
* الشرح:
قوله: (إن الكفر لأقدم من الشرك وأخبث وأعظم) أما أنه أقدم فلأنه إباء من الطاعة وإنكار الحق وهو مقدم الشرك مسبوق لتوقفه على الكفر وأقل مراتبة الاباء من الأمر بترك الشرك وانكاره، وما ذكره (عليه السلام) من كفر إبليس على سبيل التمثيل بالفرد الواضح فإنه أبى أولا من طاعة الرب وأنكر أمره فكفر، ثم دعا إلى عبادة غير الله تعالى فأشرك. وأما أنه أخبث وأعظم من الشرك فلأنه سبب له وداع إليه وسبب الخبث وداعيه أخبث وأعظم منه، ومن هنا يظهر أن الشرك يستلزم الكفر دون العكس وإن من خالفنا في إمامة علي (عليه السلام) فهو كافر من جهة الإباء من طاعة الله وطاعة رسوله وإنكار أمرهما بخلافته (عليه السلام)، ومشرك من جهة نصب دين غير دين المؤمنين والظاهر أنه عز وجل لم يقل لإبليس بخصوصه اسجد لآدم والمراد بقوله (عليه السلام): «حين قال الله له: اسجد لآدم» أنه تعالى أمره أيضا بالسجود في قوله: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) وشمول خطاب الملائكة له إما باعتبار التغليب أو لكونه داخلا فيهم ومعدودا من جملتهم.
(فمن اختار على الله عز وجل وأبى الطاعة وأقام على الكبائر فهو كافر) لعل المراد بالاختيار اختيار مراده على مراد الله تعالى أو اختيار أمر إبليس على أمره تعالى وبالإباء من الطاعة إنكارها، ولا ريب في أن إنكار الطاعة سواء كانت من الاصول أم من الفروع كفر، ولو أريد بإبائها ترك العمل بها في الفرعية لا يبعد أن يراد بالكفر كفر النعمة أو كفر ترك المأمور به أو كفر الجحود مع الاستخفاف فيرجع إلى الأول.
* الأصل:
3 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «ذكر عنده سالم بن أبي حفصة وأصحابه فقال: إنهم ينكرون أن يكون من حارب عليا (عليه السلام) مشركين؟ فقال: أبو جعفر (عليه السلام): فإنهم يزعمون أنهم كفار، ثم قال لي: إن الكفر أقدم من الشرك، ثم ذكر كفر إبليس حين قال له: اسجد فأبى أن يسجد، وقال: الكفر أقدم من الشرك، فمن اجترى على الله فأبى الطاعة وأقام على الكبائر فهو كافر (يعني مستخف كافر)».
* الشرح:
قوله: (عن عبد الله بن بكير، عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ذكر عنده سالم بن أبي حفصة وأصحابه فقال: إنهم ينكرون أن يكون من حارب عليا (عليه السلام) مشركين؟) سالم بن أبي حفصة روى