(وألجأته ذنوبه إلى ذل مقامه بين يديك) المقام بالفتح مصدر وبالضم اسم مكان أو زمان ولعل إضافة الذل إليه بتقدير «في» ثم المقام بين يديه من حيث هو عز لكنه من حيث أنه نشأ منه الذنوب ذل عظيم.
(وخضوعه لديك) عطف على ذلك أو مقامه والأول أظهر. (وإبتهاله إليك) الابتهال التضرع والمبالغة في السؤال والاجتهاد في الطلب وشاع استعماله أيضا في رفع اليدين ومدهما إلى السماء حتى تتجاوزا عن الرأس عند ظهور الدمعة والبكاء كما مر.
(أسألك اللهم سؤال من هو بمنزلته - اه) الظاهر أنه تأكيد لقوله: «أسألك اللهم سؤال من خضع لك برقبته» كما يشعر به ترك العطف وفائدته التكرير والتقرير ان اريد بالموصول الثاني عين الأول على سبيل الكناية أو دفع احتمال عدم الشمول والعموم ليفيد أن سؤال له مساو لسؤال كل من هو بمنزلته أو متصف بصفته. (فارحم إستكانته) من الكون أي صار له كون خلاف كونه كاستحال إذا تغير من حال إلى حال وقد مر.
(أسألك اللهم الهدى من الضلالة - إلى آخره) في المواضع الثلاثة للمبدل كما قيل في قوله تعالى: (أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة) والمراد بالهدى الوصول إلى سبيل الحق والدخول فيه بقرينة الضلالة التي هي الخروج منه والدخول في سبيل الباطل، والعمى عدم البصيرة المستلزم للجهالة ولوازمها والغواية بالفتح الضلالة والخيبة أيضا، والرشد خلافها بالمعنيين والفرق بينهما بالمعنى الأخير خفي إلا أن يراد بها الضلالة الشديدة فتكون من باب ذكر الخاص بعد العام للاهتمام، قال ابن الأثير: الغي الضلال والانهماك في الباطل.
(وأسألك اللهم أكثر الحمد عند الرخاء) هو الله سبحانه يستحق الحمد عند الشدة كما يستحقه عند الرخاء كما نطقت به الروايات ودلت عليه الصحيفة السجادية وإنما خص الرخاء بالذكر لأنه أكثر ولأنه في أكثر الناس سبب للبطر والغفلة فطلب كثرة الحمد عنده أهم.
(وأجمل الصبر عند المصيبة) هو حبس النفس عن الجزع والشكوى وعن الانتقام أيضا لو كانت المصيبة واردة من قبل الناس وفيه فوائد كثيرة في الدنيا ومثوبات جزيلة في الآخرة (وأفضل الشكر عند موضع الشكر) موضعه النعمة قال في النهاية: الشكر مثل الحمد إلا أن الحمد أعم منه فإنك تحمد الإنسان على صفاته الجميلة وعلى معروفه ولا تشكره إلا على معروفه دون صفاته والشكر مقابل النعمة بالقول والفعل والنية فيثني على المنعم بلسانه ويذيب نفسه في طاعته ويعتقد انه مولاها.
(والتسليم عند الشبهات) عطف على أفضل أو على الشكر والتسليم وهو الإذعان والانقياد