كربتي ويا صاحبي في شدتي ويا وليي في نعمتي ويا غياثي في رغبتي». قال: وكان من دعاء أمير المؤمنين (عليه السلام): «اللهم كتبت الآثار وعلمت الأخبار واطلعت على الأسرار فحلت بيننا وبين القلوب فالسر عندك علانية والقلوب إليك مفضاة، وإنما أمرك لشيء إذا أردته أن تقول له كن فيكن». فقل: «برحمتك لطاعتك أن تدخل في كل عضو من أعضائي ولا تفارقني حتى ألقاك».
وقل: «برحمتك لمعصيتك أن تخرج من كل عضو من أعضائي فلا تقربني حتى ألقاك وارزقني من الدنيا وزهدني فيها ولا تزوها عني ورغبني فيها يا رحمن».
* الشرح:
قوله: (يا عدتي في كربتي) العدة بالضم ما أعدته وهيأته لحوادث الدهر من المال والسلاح وغيرهما والكربة بالضم الحزن الشديد.
(ويا صاحبي في شدتي) في ذكر الصاحب إيماء إلى علمه بحاله وشدائده مع توقع رفعها منه.
(ويا وليي في نعمتي) وفيه أيضا إيماء إلى توقع رفع الحزن والشدائد لأنه ولي كل نعمة ورفعها نعمة واضحة. (ويا غياثي في رغبتي) فيك بدفع الشدائد والأحزان والغياث بالكسر فرياد رس وأصله الغواث صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها.
(اللهم كتبت الآثار) جمع الأثر بالتحريك وهو ما بقي من رسم الشيء والمراد به ما أسسه كل شخص وبقي بعده من خير أو شر، وفي النهاية الأثر الأجل ويحتمل أن يراد به الأجل وسمي به لأنه يتبع العمر.
(وعلمت الأخبار) أي أخبار من كان ومن يكون ومن هو كائن وأخبار أهل الجنة وأهل النار وأخبار السماء والأرض وأخبار المخلوقات كلها.
(واطلعت على الأسرار) أي علمتها تقول اطلعت على باطن أمره وهو افتعلت إذا علمته.
(فحلت بيننا وبين قلوبنا) لعل المراد بقوله بيننا المواد الجسمانية والقوى البدنية وبالقلوب العقول المجردة النورانية المائلة إلى الله عزوجل بإذنه، وبكونه تعالى حائلا بينهما أنه مانع من استيلاء الاولى على الثانية ولولا منعه تعالى لاستولت القوى الجسمانية على القوة العقلانية التي من شأنها الرئاسة البدنية فيصير الأمير مأمورا والرئيس مرؤوسا وبطل النظام ومنه يظهر سر قولنا: «لا حول ولا قوة إلا بالله».
(فالسر عندك علانية) هذا ناظر إلى قوله اطلعت على الأسرار. (والقلوب إليك مفضاة) أي موصولة اسم مفعول من أفضيت إلى الشيء إذا وصلت وفيه تنبيه على أن وصول القلب إليه عزوجل من لطفه وعونه وهذا ناظر إلى قوله: «فحلت - إلى آخر» إذ لو لم يكن حائلا يتحقق