فوجب عليه أن يرى بعين البصيرة مآل الحال وأن ذلك استدراج وامهال من الملك المتعال كي يرجع عن الضلال وينفق ذلك المال في وجوه الخير.
* الأصل:
2 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن بعض أصحابه قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الإستدراج، فقال: «هو العبد يذنب الذنب فيملي له ويجدد له عندها النعم فتلهيه عن الاستغفار من الذنوب فهو مستدرج من حيث لا يعلم».
* الشرح:
قوله: (فقال: هو العبد يذنب الذنب فيملى له) الاملاء الامهال. قال الله تعالى: (واملي لهم أن كيدي متين) واشتقاقه من أمليت بمعنى أمهلت وأخرت وأطلت له مدة وزمانا والاملاء أعظم الابتلاء إذ بسببه يصدر عن المبتلي جرائم غير محصورة ومعاصي غير معدودة.
3 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) قال: «هو العبد يذنب الذنب فتجد له النعمة معه تلهيه تلك النعمة عن الاستغفار من ذلك الذنب».
* الأصل:
4 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن سليمان [بن داود] المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كم من مغرور بما قد أنعم الله عليه وكم من مستدرج يستر الله عليه وكم من مفتون بثناء الناس عليه».
* الشرح:
قوله: (قال: كم من مغرور بما قد أنعم الله عليه - إلى آخره) كم للأخبار بكثرة مغرور بالنعمة مستدرج مستور عليه. ومفتون بالمعصية ممدوح بين الناس، وهذا حال أهل الدنيا فإن المنعم بالنعم المتوافرة غافل عن المبدأ والمعاد وأحوال النفس، ومن أراد الله عز وجل استدراجه يستر عليه قبائح أعماله حتى يتدرج فيها إلى الدرجة العليا فيأخذه بغتة من حيث لا يدري أخذا شديدا والمفتون بالمعصية والدنيا يثنى عليه أكثر الناس أما طمعا لما في يديه، أو خوفا منه أو ميلا إلى المعصية فلا يحكمون بقبحها كما هو المعلوم في عصرنا هذا; وفيه تنفير عن الميل إليهم والمخالطة معهم.