من عدم الاعتناء بالشيء وهذا وان كان دافعا للايراد المذكور لأن الدعاء بعدم المؤاخذة بسببهما ليس دعاء بعدم المؤاخذة بهما لكن فيه شيء لا يخفى على المتأمل. والاصر الذنب والعقوبة وأصله من الضيق والحبس يقال أصره يأصره إذا حبسه وضيق عليه وقيل: المراد به الحمل الثقيل الذي يحبس صاحبه في مكانه والتكاليف الشاقة مثل ما كلف به بنو إسرائيل من قتل الأنفس وقطع موضع النجاسة من الجلد والثوب وخمسين صلاة في اليوم والليلة وصرف ربع المال للزكاة أو ما أصابهم من الشدائد والمحن وقوله: (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) تأكيد لما قبله وطلب للاعفاء من التكليفات الشاقة التي كلف بها الأمم السابقة لا طلب الاعفاء عن تكليف ما لا يتعلق به قدرة البشر أصلا فلا دلالة فيه على جواز التكليف بما لا يطاق الذي أنكره العدلية وجوزه الأشاعرة باعتبار أنه لو لم يجز لم يطلبوا الاعفاء عنه وقوله (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) معناه إلا من أكره على قبيح مثل كلمة الكفر وغيرها وقلبه مطمئن بالإيمان غير متغير عن اعتقاد الحق وفيه دلالة على أنه لا اثم على المكره، لا يقال الاستثناء من قوله تعالى: (ومن كفر بالله من بعد إيمانه) و «من» شرطية محذوفة الجزاء أي فهو مفتر للكذب بقرينة ما تقدم، فالاستثناء دل على أن المكروه غير مفتر للكذب لا على أنه غير آثم لأنا نقول المستثنى منه في معرض الذم والوعيد وهما منتفيان عن المكره بحكم الاستثناء فلا يكون المكره من أهل الذم والوعيد فلا يكون آثما.
* الأصل:
2 - الحسين بن محمد، عن محمد بن أحمد النهدي، رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): وضع عن امتي تسع خصال: الخطأ والنسيان وما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطروا إليه وما استكرهوا عليه والطيرة والوسوسة في التفكر الخلق والحسد ما لم يظهر بلسان أو يد».
* الشرح:
قوله: (وما لا يعلمون) كالصلاة مع نجاسة الثوب والبدن أو موضع السجود أو في الثوب والمكان المغصوبين أو ترك الجهر والاخفات في موضعهما أو ترك القصر في السفر وغير ذلك مما يعذر الجاهل فيه وهذا العام مخصوص إذ الجاهل في كثير من المواضع غير معذور كما ذكروا في تضاعيف كتب الفروع.
(وما اضطروا إليه) سواء كان سبب الاضطرار من قبل الله تعالى كما في أكل الميتة وشرب النجس للمفتقر اليهما وشرب الحرام والتداوي به للمريض، أو من قبل نفسه أو من قبل الغير كمن جرح نفسه أو جرحه غيره في شهر رمضان واضطر إلى الإفطار.