لهم التوبة - حتى تبلغ النفس هذه. قال: يا رب حسبي) النفس بالتحريك ما يخرج من الحي عند التنفس وبالسكون الروح والمقصود أن باب التوبة مفتوح إلى أن تبلغ النفس الحلقوم وتتحق الغرغرة فإذا بلغت هذه فلا توبة لأنه وقت المعاينة والتوبة إنما يكون في حال الغيب وإنما قال آدم (عليه السلام): حسبي لعلمه بأن أكثر أولاده إلا من أخذت يده الشقاوة الأبدية تدركهم الرحمة الواسعة وتدخلهم في باب التوبة ولو كان شيء أنفع لأولاده من هذه النعمة المبسوطة لطلبه، ومن طريق العامة: «إن إبليس بعد ما صار ملعونا وأنظر قال بعزتك لا أخرج عن قلب ابن آدم ما دام الروح في بدنه فقال الله تبارك وتعال بعزتي لا أسد باب التوبة عليه ما دام الروح في بدنه».
* الأصل:
2 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
«قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من تاب قبل موته بسنة قبل الله توبته، ثم قال: إن السنة لكثيرة، من تاب قبل موته بشهر قبل الله توبته، ثم قال: إن الشهر لكثير، من تاب قبل موته بجمعة قبل الله توبته، ثم قال:
إن الجمعة لكثير من تاب قبل موته بيوم قبل الله توبته، ثم قال: إن يوما لكثير من تاب قبل أن يعاين قبل الله توبته».
* الشرح:
قوله: (من تاب قبل موته بسنة قبل الله توبته) قال الشيخ في الأربعين: المراد بقبول التوبة اسقاط العقاب المترتب على الذنب الذي تاب منه وسقوط العقاب بالتوبة مما أجمع عليه أهل الإسلام وإنما الخلاف فيه أنه هل يجب على الله حتى لو عاقب بعد التوبة كان ظلما أو هو تفضل يفعله سبحانه كرما منه ورحمة بعباده، المعتزلة على الأول والأشاعرة على الثاني وإليه ذهب الشيخ أبو جعفر الطوسي (قدس سره) في كتاب الإقتصاد والعلامة جمال الملة والدين (رحمه الله) في بعض كتبه الكلامية وتوقف المحقق الطوسي طاب ثراه في التجريد، ومختار الشيخين هو الظاهر، دليل الوجوب مدخول (من تاب قبل أن يعاين قبل الله توبته) أي قبل أن يرى ملك الموت أو رسول الله وأمير المؤمنين (عليهما السلام) ويمكن أن يراد بالمعاينة علمه بحصول الموت وقطعه الطمع من الحياة والظاهر أن المرض المهلك ليس من باب المعاينة; لأن الموت معه ليس بمتحقق قطعا وكأنه (صلى الله عليه وآله) أتى بالتفصيل المذكور ولم يذكر أولا ما ذكره آخرا للإشارة إلى تفضيل مراتب التوبة بعضها على بعض، ووجوبها فورى عند العلماء وفي تسويفها خطر عظيم لإمكان أن يأتيه الموت بغتة فلا يوفق للتوبة ولان ظلمة الذنوب قد يتراكم على قلبه إلى أن تصير رينا وطبعا فلا يقبل المحو بعد ذلك قطعا.