التوبة القوية الثابتة التي تمنع صاحبها من العود إلى الذنب بعدها وهذا التفسير يؤيده ما قيل من أنها توبة تنصح صاحبها فيقلع عن الذنوب ثم لا يعود إليها أبدا أو تنصح الناس أي تدعوهم إلى أن يأتوا بمثلها لظهور آثارها الجميلة في صاحبها، وقيل هي توبة خالصة لوجه الله سبحانه من قولهم عسل ناصح إذا كان خالصا من الشمع بأن لا تكون لرياء ولا نفاق ولا لخوف النار وقد حكم المحقق في التجريد بأن الندم على الذنوب خوفا من النار ليس توبة. وقيل اسناد النصوح إلى التوبة من باب الاسناد المجازي; لأن النصح صفة للتائبين أي توبوا توبة تنصحون بها أنفسكم بأن تأتوا بها على أكمل الوجوه وأفضل الشرائط حتى تكون قالعة لآثار الذنوب من القلوب الكلية وذلك بإذابة النفس بالحسرات ومحو ظلمة السيئات بنور الحسنات.
قوله: (وأحب العباد إلى الله تعالى المفتنون التوابون) أي المفتونون بالذنوب التوابون منها ولعل المراد بالمفتون التواب من لا يعود إلى الذنب بعد التوبة فيكون تأكيدا لما قبله وكونه أحب بالنظر إلى من يتوب (1) ثم يعود ثم يتوب وهكذا لا بالنظر إلى من لم يذنب أصلا، ويحتمل أن يراد بها كثير التوبة بأن يتوب ثم يذنب ثم يتوب وهكذا وهو أحب ممن يتوب من الذنوب كلها توبة واحدة وممن يذنب ذنوبا ثم يتوب منها ثم يذنب ذنوبا ثم يتوب منها.
4 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا) قال: «هو الذنب الذي لا يعود فيه أبدا، قلت: وأينا لم يعد؟ فقال: يا أبا محمد إن الله يحب من عباده المفتن التواب».
* الأصل:
5 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا رفعه قال: «إن الله عز وجل أعطى التائبين ثلاث خصال لو أعطى خصلة منها جميع أهل السماوات والأرض لنجوا بها قوله عز وجل: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) فمن أحبه الله لم يعذبه، وقوله: (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل