النبي (صلى الله عليه وآله) لمما يعرض لهم; لأن تهوي بهم الريح أو يقطعوا أحب إليهم من أن يتكلموا به فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتجدون ذلك قالوا نعم فقال: والذي نفسي بيده إن ذلك لصريح الإيمان، فإذا وجدتموه فقولوا: آمنا بالله ورسوله ولا حول ولا قوة إلا بالله».
* الشرح:
قوله: (كتب رجل إلى أبي جعفر (عليه السلام) يشكوا إليه لمما يخطر على باله - إلى آخره) اللمم بفتحتين مقاربة الذنب وقيل هو الصغائر من الذنوب وهو أيضا طرف من الجنون يلم به الإنسان وإنما جعل الوسوسة لمما أي ذنبا صغيرا لزعمه أنها من صغائر الذنوب أو لأنها قد تؤول إلى ذنب وإلا فهي ليست من الذنوب والهوى السقوط من أعلى إلى أسفل وفعله من باب ضرب ومنه قوله تعالى: (أو تهوى به الريح في مكان سحيق) أي بعيد والباء في بهم للتعدية وهم جعلوا التكلم باللمم واظهاره أشد عليهم من أن يسقطهم الريح إلى مكان عميق أو من أن تقطع أعضاؤهم استقباحا لشأنه واستعظاما لأمره لأنه محال في حقه تعالى وكفر به، والاستفهام في قوله (أتجدون ذلك) على حقيقته أو للتعجب أو التقرير، ولفظه ذلك في الموضعين إشارة إلى الاستعظام أو الخوف المفهومين من سياق الكلام.
وصريح الإيمان خالصة ولو جعل إشارة إلى اللمم لورد أن الإيمان يقين واللمم شك أو قريب منه فلا يكون اللمم من الإيمان فضلا عن أن يكون من صريحه، ويمكن أن يدفع ذلك بأن الشيطان إذا يئس من كفر من صح إيمانه ومن الإتيان به من جهة الأعمال قصده بالوسوسة ليشغل قلبه بحديث النفس وليؤذيه بذلك فإذا سبب الوسوسة هو محض الإيمان وصريحه فصح أن الوسوسة صريح الإيمان بخلاف الكافر والشاك وضعيف الإيمان فإنه يأتيهم من أي وجه أراد، ويدل على هذا التوجيه حديث آخر الباب.
5 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن محمد، عن محمد ابن بكر بن جناح، عن زكريا بن محمد، عن أبي اليسع داود الأبزاري، عن حمران عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن رجلا أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله إنني نافقت فقال: والله ما نافقت ولو نافقت ما أتيتني، تعلمني ما الذي رابك؟ أظن العدو الحاضر أتاك فقال لك: من خلقك؟ فقلت: الله خلقني، فقال لك: من خلق الله؟ قال: إي والذي بعثك بالحق لكان كذا، فقال: إن الشيطان أتاكم من قبل الأعمال فلم يقو عليكم فأتاكم من هذا الوجه لكي يستزلكم، فإذا كان كذلك فليذكر أحدكم الله وحده».