ولنا بعدهم أربعة إذ وجب علينا الاخذ بمقتضى اجماعهم واتفاقهم والجري على مناهج اجتهادهم وربما كان اجماعهم على حادثة اجماعا اجتهاديا وربما كان اجماعا مطلقا لم يصرح فيه باجتهاد وعلى الوجهين جميعا فالاجماع حجة شرعية لاجماعهم على التمسك بالاجماع ونحن نعلم ان الصحابة رضي الله عنهم الذين هم الأئمة الراشدون لا يجتمعون على ضلال وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تجتمع أمتي على ضلالة ولكن الاجماع لا يخلو عن نص خفي أو جلي قد اختصه لأنا على القطع نعلم ان الصدر الأول لا يجمعون على امر الا عن تثبت وتوقيف فاما ان يكون ذلك النص في نفس الحادثة التي اتفقوا على حكمها من غير بيان ما يستند اليه حكمها واما ان يكون النص في ان الاجماع حجة ومخالفة الاجماع بدعة وبالجملة مستندا الاجماع نص خفي أو جلي لا محالة والا فيؤدي إلى اثبات الاحكام المرسلة ومستند الاجتهاد والقياس هو الاجماع وهو أيضا مستند إلى نص مخصوص في جواز الاجتهاد فرجعت الأصول الأربعة في الحقيقة إلى اثنين وربما ترجع إلى واحد وهو قول الله تعالى وبالجملة نعلم قطعا ويقينا ان الحوادث والوقائع في العبادات والتصرفات مما لا يقبل الحصر والعد ونعلم قطعا أيضا انه لم يرد في كل حادثة نص ولا يتصور ذلك أيضا والنصوص إذا كانت متناهية والوقائع غير متناهية وما لا يتناهى لايضبطه ما يتناهى علم قطعا ان الاجتهاد والقياس واجب الاعتبار حتى يكون بصدد كل حادثة اجتهاد ثم لا يجوز ان يكون الاجتهاد مرسلا خارجا عن ضبط الشرع فان القياس المرسل شرع اخر وإثبات حكم من غير مستند وضع اخر والشارع هو الواضع للاحكام فيجب على المجتهد ان لا يعدل في اجتهاده عن هذه الأركان
(١٩٩)