بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٩
الكبائر والمعاصي فدل أن نفس اليمين ليست بذنب وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا حلفتم فاحلفوا بالله وقال صلى الله عليه وسلم لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت فمت كان حالفا فليحلف بالله أو ليذر أمر صلى الله عليه وسلم باليمين بالله تعالى فدل أن نفس اليمين ليس بذنب فلا يجب التكفير لها وإنما يجب للحنث لأنه هو المأثم في الحقيقة ومعنى الذنب فيه أنه كان عاهد الله تعالى أن يفعل كذا فالحنث يجر مخرج نقض العهد منه فيأثم بالنقض لا بالعهد ولذلك قال الله تعالى وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الآية ولان عقد اليمين يخرج مخرج التعظيم والتبجيل لله تعالى وجعله مفزعا إليه ومأمنا فيمتنع ان تجب بالكفارة محوا له وسترا وتبين بطلان قولهم إن الحالف يصير عاصيا بترك الاستثناء في اليمين لان الأنبياء صلوات الله عليهم تركوا الاستثناء في اليمين ولم يجز وصفهم بالمعصية فدل ان ترك الاستثناء في اليمين ليس بحرام وإن كان تركه في مطلق الوعد منهيا عنه كراهة وذلك والله عز وجل اعلم لوجهين أحدهما ان الوعد إضافة إلى الفعل إلى نفسه بأن يقول افعل غدا كذا وكل فعل يفعله تحت مشيئة الله تعالى فان فعله لا يتحقق لاحد الا بعد تحقيق الله تعالى منه ولا يتحقق منه الاكتساب لذلك الا باقداره فيندب إلى قران الاستثناء بالوعد ليوفق على ذلك ويعصم عن الترك وفي اليمين يذكر الاستشهاد باسم الله تعالى على طريق التعظيم قد استغاث بالله تعالى واليه فزع فيتحقق التعظيم الذي يحصل به الاستثناء وزيادة فلا معنى للاستثناء الثاني أن اليمين شرعت لتأكيد المحلوف عليه خصوصا في البيعة وقران الاستثناء في مثل ذلك يبطل المعنى الذي وضع له العقد بخلاف الوعد المطلق وأما الآية الكريمة فتأويلها من وجهين أحدهما أي يؤاخذكم الله بمحافظة ما عقدتم من الايمان والوفاء بها كقوله عز وجل ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها فان تركتم ذلك فكفارته كذا وكذلك قوله ذلك كفارة ايمانكم إذا حلفتم فتركتم المحافظة ألا ترى أنه قال عز وجل واحفظوا ايمانكم والمحافظة تكون بالبر والثاني أن يكون على اضمار الحنث أي ولكن يؤاخذكم بحنثكم فيما عقدتم وكذا في قوله كفارة ايمانكم إذا حلفتم أي إذا حلفتم وحنثتم كما في قوله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك معناه فحلف ففدية من صيام وقوله عز وجل فان أحصرتم فما استيسر من الهدى معناه فتحلل وقوله عز وجل فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر أي فأفطر فعدة من أيام أخر لان ظاهر الملفوظ وهو القدر الذي هو سبب التخفيف لا يصلح سببا للوجوب فصار استعمال الرخصة مضمرا فيه كذلك ههنا لا تصلح اليمين التي هي تعظيم الرب جل جلاله سببا لوجوب التكفير فيجب اضمار ما هو صالح وهو الحنث وأما إضافة الكفارة إلى اليمين فليست للوجوب بها بل على إرادة الحنث كإضافة كفارة الفطر إلى الصيام وإضافة الدم إلى الحج والسجود إلى السهو وان لم يكن ما أضيف إليه سببا كذا هذا وأما الحديث فقد روى بروايات روى فليأت الذي هو خير وليكفر يمينه وروى فليكفر يمينه وليأت الذي هو خير وروى فليأت الذي هو خير ثم ليكفر يمينه وهو على الروايات كلها حجة عليهم لا لهم لان الكفارة لو كانت واجبة بنفس اليمين لقال عليه الصلاة والسلام من حلف على يمين فليكفر من غير التعرض لما وقع عليه اليمين أنه ماذا ولما لزم الحنث إذا كان خيرا ثم بالتكفير فلما خص اليمين على ما كان الحنث خيرا من البر بالنقض والكفارة علم أنها تختص بالحنث دون اليمين نفسها وانها لا تجب بعقد اليمين دون الحنث اختلف في جوازها قبل الحنث قال أصحابنا لا يجوز وقال الشافعي يجوز التكفير بالمال قبل الحنث فأما التكفير بالصوم فلا يجوز قبل الحنث بالاجماع وجه قوله إنه كفر بعد وجود سبب الوجوب فيجوز كما لو كفر بالمال بعد الجرح قبل الموت والدليل على أنه كفر بعد وجود سبب الوجوب أن اليمين وجوب الكفارة بدليل أن الكفارة تضاف إلى اليمين يقال كفارة اليمين وقال الله تعالى ذلك كفارة ايمانكم إذا حلفتم والحكم إنما يضاف إلى سببه هو الأصل فدل أن اليمين سبب لوجوب الكفارة فكان هذا تكفيرا بعد وجود سبب الوجوب فيجوز كما في موضع الاجماع والدليل على جواز التكفير بالمال قبل الحنث ما روى أن رسول الله
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248