بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٢٢
وركن اليمين هما الشرط والجزاء فإذا وجد كان التصرف يمينا ولان المرجع في معرفة الأسامي إلى أهل اللغة وانهم يسمون الشرط والجزاء يمينا من غير مراعاة معنى الحمل والمنع دل ان ذلك ليس بشرط لوقوع التصرف يمينا وبيان هذه الجملة في مسائل إذا قال لامرأته ان دخلت الدار فأنت طالق أو قال لعبده ان دخلت الدار فأنت حرا وقال إذا أو إذا ما أو متى أو متى ما أو حيثما أو مهما كان يمينا لوجود الشرط والجزاء حتى لو حلف لا يحلف فقال ذلك يحنث ولو قال أنت طالق غدا أو رأس شهر كذا لا يكون يمينا لانعدام حروف الشرط بل هو إضافة الطلاق إلى الغد والشهر لأنه جعل الغد والشهر ظرفا لوقوع الطلاق لان معناه في غد وفي شهر ولا يكون ذلك ظرفا لوقوع الطلاق الا بوقوع الطلاق ولو قال إذا جاء غد فأنت طالق أو قال إذا مضى غدا أو إذا جاء رمضان أو إذا ذهب رمضان أو إذا طلعت الشمس أو غربت كان يمينا عند أصحابنا وعند الشافعي لا يكون يمينا لانعدام معنى اليمين وهو المنع أو الحمل إذ لا يقدر الحالف على لامتناع من مجئ الغد ولا على الاتيان به فلم يكن يمينا بخلاف دخول الدار وكلام زيد ولان الشرط ما في وجوده في المستقبل خطر وهو أن يكون فيما يجوز ان يوجد ويجوز ان لا يوجد والغد يأتي لا محالة فلا يصلح شرطا فلم يكن يمينا (ولنا) انه وجد ذكر شرط وجزاء معلق بالشرط فكان يمينا ومعنى المنع أو الحمل من اعراض اليمين وثمراتها وحقائق الأسامي تتبع حصول المسميات بذواتها وذلك بأركانها لا بمقاصدها المطلوبة منها على ما بينا والله عز وجل الموفق وأما قوله إن الشرط ما في وجوده في المستقبل خطر وهو أن يكون مما يجوز ان يوجد ويجوز ان لا يوجد والغد يأتي لا محالة فالجواب عنه من وجهين أحدهما ممنوع ان هذا من شرط كونه شرطا بل من شرط أن يكون جائز الوجود في المستقبل ونعني به ان لا يكون مستحيل الوجود وقد وجد ههنا فكان التصرف يمينا على أن جواز العدم إن كان شرطا فهو موجود ههنا لان مجئ الغدو ونحوه ليس مستحيل العدم حقيقة لجواز قيام الساعة في كل لمحة كما قال تعالى وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب وهذا لان الساعة وإن كان لها شرائط لا تقوم إلا بعد وجودها ولم يوجد شئ من ذلك في يومنا هذا فيقع الامن عن قيام الساعة قبل مجئ الغد ونحو ذلك لكن هذا يوجب الامن عن القيام اما لا يمنع تصور القيام في نفسه لان خبر الصادق عن امر أنه لا يوجد يقتضى انه لا يوجد أما لا يقتضى ان لا يتصور وجوده في نفسه حقيقة ولهذا قلنا إن خلاف المعلوم مقدور العبد حتى يتعلق به التكليف وإن كان لا يوجد فكان مجئ الغد جائز العدم في نفسه لا مستحيل العدم فكان شرط كونه شرطا وهو جواز العدم حقيقة موجودا فكان يمينا ولو قال لامرأته أنت طالق ان شئت أو أردت أو أحببت أو رضيت أو هويت لم يكن يمينا حتى لو كان حلف لا يحلف لا يحنث بهذه المقالة لما ذكرنا ان الشرط معناه العلامة وهو ما جعله الحالف علما لنزول الجزاء والحالف ههنا ما جعل قوله إن شئت علما لوقوع الطلاق بل جعله لتمليك الطلاق منها كأنه قال ملكتك طلاقك أو قال لها اختاري أو امرك بيدك ألا ترى انه اقتصر على المجلس وما جعل علما لوقوع الطلاق لا يقتصر على المجلس كقوله أنت طالق ان دخلت الدار أو ان كلمت فلانا وهذا لان العلم المخض ما يدل على حصول الطلاق فحسب فأما ما يتعلق وجوده به فإنه لا يكون علما بل يكون علة لحصوله والمشيئة مما يحصل به الطلاق بدليل ان الزوج لو قال لزوجته ان شئت طلاقك فطلقي وإذا لم يوجد معنى الشرط لم تكن المشيئة المذكورة شرطا فلم يوجد أحد ركني اليمين وهو الشرط فلم توجد اليمين فلا يحنث وكذلك لو قال لها أنت طالق ان شئت أنا لم يكن يمينا حتى لا يحنث في يمينه إذا حلف لا يحلف ولو قال لها إذا حضت وطهرت فأنت طالق لم يكن يمينا لان الحالف ما جعل هذا الشرط علما لنزول الجزاء بل جعله ايقاع الطلاق على وجه السنة لان مثل هذا الكلام يذكر عادة كأنه قال أنت طالق للسنة وكذا إذا قال إذا حضت حيضة فأنت طالق لان الحيضة اسم للكامل فصار بمنزلة قوله إذا حضت وطهرت فأنت طالق وما زاد على هذا يعرف في الجامع ولو حلف لا يحلف فقال كل امرأة لي تدخل هذه الدار فهي طالق أو قال لامرأته كلما دخلت هذه الدار فأنت طالق يحنث لا لوجود تعليق الطلاق بالدخول لتعذر التعليق لانعدام حرفه بل لضرورة
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248