بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٨٨
يحرم الميراث لما قلنا كذا هذا ولأبي حنيفة ان عمومات النكاح تقتضي الجواز من غير فصل بين ما إذا شرط فيه الاحلال أو لا فكان النكاح بهذا الشرط نكاحا صحيحا فيدخل تحت قوله تعالى حتى تنكح زوجا غيره فتنتهي الحرمة عند وجوده الا أنه كره النكاح بهذا الشرط لغيره وهو أنه شرط ينافي المقصود من النكاح وهو السكن والتوالد والتعفف لان ذلك يقف على البقاء والدوام على النكاح وهذا والله أعلم معنى الحاق اللعن بالمحلل في قوله صلى الله عليه وسلم لعن الله المحلل والمحلل له وأما الحاق اللعن بالزوج الأول وهو المحلل له فيحتمل أن يكون لوجهين أحدهما أنه سبب لمباشرة الزوج الثاني هذا النكاح لقصد الفراق والطلاق دون الابقاء وتحقيق ما وضع له والمسبب شريك المباشر في الاسم والثواب في التسبب للمعصية والطاعة والثاني أنه باشر ما يفضى إلى الذي تنفر منه الطباع السليمة وتكرهه من عودها إليه من مضاجعة غيره إياها واستمتاعه بها وهو الطلقات الثلاث إذ لولاها لما وقع فيه فكان الحاقه اللعن به لأجل الطلقات والله عز وجل أعلم وأما قول أبى يوسف ان التوقيت في النكاح يفسد النكاح فنقول المفسد له هو التوقيت نصا ألا ترى أن كل نكاح مؤقت فإنه يتوقت بالطلاق وبالموت وغير ذلك ولم يوجد التوقيت نصا فلا يفسد وقول محمد انه استعجال ما أجله الله تعالى ممنوع فان استعجال ما أجله الله تعالى لا يتصور لان الله تعالى إذا ضرب لأمر أجلا لا يتقدم ولا يتأخر فإذا طلقها الزوج الثاني تبين ان الله تعالى أجل هذا النكاح إليه ولهذا قلنا إن المقتول ميت بأجله خلافا للمعتزلة ومنها الدخول من الزوج الثاني فلا تحل لزوجها الأول بالنكاح الثاني حتى يدخل بها وهذا قول عامة العلماء وقال سعيد بن المسيب تحل بنفس العقد واحتج بقوله تعالى فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره والنكاح هو العقد وإن كان يستعمل في العقد والوطئ جميعا عند الاطلاق لكنه يصرف إلى العقد عند وجود القرينة وقد وجدت لأنه أصاف النكاح إلى المرأة بقوله تعالى حتى تنكح زوجا غيره والعقد يوجد منها كما يوجد من الرجل فاما الجماع فإنه يقوم بالرجل وحده والمرأة محله فانصرف إلى العقد بهذه القرينة فإذا وجد العقد تنتهى الحرمة بظاهر النص ولنا قوله تعالى فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره والمراد من النكاح الجماع لان النكاح في اللغة هو الضم حقيقة وحقيقة الضم في الجماع وإنما العقد سبب داعى إليه فكان حقيقة للجماع مجازا للعقد مع ما انا لو حملناه على العقد لكان تكرارا لان معنى العقد يفيده ذكر الزوج فكان الحمل على الجماع أولى بقي قوله إنه أضاف النكاح إليها والجماع مما تصح اضافته إلى الزوجين لوجود معنى الاجتماع منهما حقيقة فأما الوطئ ففعل الرجل حقيقة لكن إضافة النكاح إليها من حيث هو ضم وجمع لا من حيث هو وطئ ثم إن كان المراد من النكاح في الآية هو العقد فالجماع يضمر فيه عرفنا ذلك بالحديث المشهور وضرب من المعقول أما الحديث فما روينا عن عائشة رضي الله عنه ا ان رفاعة القرظي طلق امرأته ثلاثا فتزوجها عبد الرحمن بن الزبير فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت إن رفاعة طلقني وبت طلاقي فتزوجني عبد الرحمن بن الزبير ولم يكن معه الا مثل هدبة الثوب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي من عسيلته ويذوق من عسيلتك وعن ابن عمر وأنس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث ولم يذكر قصة امرأة رفاعة وهو ما روى عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل وهو على المنبر عن رجل طلق امرأته ثلاثا فتزوجها غيره فأغلق الباب وأرخى الستر وكشف الخمار ثم فارقها فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تحل للأول حتى تذوق عسيلة الآخر وأما المعقول فهو ان الحرمة الغليظة إنما تثبت عقوبة للزوج الأول بما أقدم على الطلاق الثلاث الذي هو مكروه شرعا زجرا ومنعا له عن ذلك لكن إذا تفكر في حرمتها عليه الا بزوج آخر الذي تنفر منه الطباع السليمة وتكرهه انزجر عن ذلك ومعلوم ان العقد بنفسه لا تنفر عنه الطباع ولا تكرهه إذ لا يشتد على المرأة مجرد النكاح ما لم يتصل به الجماع فكان الدخول شرطا فيه ليكون زجرا له ومنعا عن ارتكابه فكان الجماع مضمرا في الآية الكريمة كأنه قال عز وجل حتى تنكح زوجا غيره
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248