بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٢١٠
حيث سكنتم من وجدكم وفي قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أسكنوهن من حيث سكنتم وأنفقوا عليهن من وجدكم ولا اختلاف بين القراءتين لكن إحداهما تفسير الأخرى كقوله عز وجل والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما وقراءة ابن مسعود رضي الله عنه أيمانهما وليس ذلك اختلاف القراءة بل قراءته تفسير القراءة الظاهرة كذا هذا ولان الامر بالاسكان أمر بالانفاق لأنها إذا كانت محبوسة ممنوعة عن الخروج لا تقدر على اكتساب النفقة فلو لم تكن نفقتها على الزوج ولا مال لها لهلكت أو ضاق الامر عليها وعسر وهذا لا يجوز وقوله تعالى لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله من غير فصل بين ما قبل الطلاق وبعده في العدة ولان النفقة وإنما وجبت قبل الطلاق لكونها محبوسة عن الخروج والبروز لحق الزوج وقد بقي ذلك الاحتباس بعد الطلاق في حالة العدة وتأبد بانضمام حق الشرع إليه لان الحبس قبل الطلاق كان حقا للزوج على الخلوص وبعد الطلاق تعلق به حق الشرع حتى لا يباح لها الخروج وان أذن الزوج لها بالخروج فلما وجبت به النفقة قبل التأكد فلان تجب بعد التأكد أولى وأما الآية ففيها أمر بالانفاق على الحامل وانه لا ينفى وجوب الانفاق على غير الحامل ولا يوجبه أيضا فيكون مسكونا موقوفا على قيام الدليل وقد قام دليل الوجوب وهو ما ذكرنا وأما حديث فاطمة بنت قيس فقد رده عمر رضي الله عنه فإنه روى أنها لما روت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها سكنى ولا نفقة قال عمر رضي الله عنه لا ندع كتاب ربنا ولا سنة نبينا بقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت وفي بعض الروايات قال لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا ونأخذ بقول امرأة لعلها نسيت أو شبه لها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها السكنى والنفقة وقول عمر رضي الله عنه لا ندع كتاب ربنا يحتمل انه أراد به قوله عز وجل أسكنوهن من حيث سكنتم وأنفقوا عليهن من وجدكم كما هو قراءة ابن مسعود رضي الله عنه ويكون هذا قراءة عمر أيضا ويحتمل انه أراد قوله عز وجل لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله مطلقا ويحتمل انه أراد بقوله لا ندع كتاب ربنا في السكنى خاصة وهو قوله عز وجل أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم كما هو القراءة الظاهرة وأراد بقوله رضي الله عنه سنة نبينا ما روى عنه رضي الله عنه أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها النفقة والسكنى ويحتمل أن يكون عند عمر رضي الله عنه في هذا تلاوة رفعت عينها وبقى حكمها فأراد بقوله لا ندع كتاب ربنا تلك الآية كما روى عنه أنه قال في باب الزنا كنا نتلوا في سورة الأحزاب الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما نكالا من الله والله عزيز حكيم ثم رفعت التلاوة وبقى حكمها كذا ههنا وروى أن زوجها أسامة بن زيد كان إذا سمعها تتحدث بذلك حصبها بكل شئ في يده وروى عن عائشة رضي الله عنها انها قالت لها لقد فتنت الناس بهذا الحديث وأقل أحوال انكار الصحابة على راوي الحديث أن يوجب طعنا فيه ثم قد قيل في تأويله انها كانت تبذ وعلى احمائها أي تفحش عليهم باللسان من قولهم بذوت على فلان أي فحشت عليه أي كانت تطيل لسانها عليهم بالفحش فنقلها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت ابن أم مكتوم ولم يجعل لها نفقة ولا سكنى لأنها صارت كالناشزة إذ كان سبب الخروج منها وهكذا تقول فيمن خرجت من بيت زوجها في عدتها أو كان منها سبب أوجب الخروج انها لا تستحق النفقة ما دامت في بيت غير الزوج وقيل إن زوجها كان غائبا فلم يقض لها بالنفقة والسكنى على الزوج لغيبته إذ لا يجوز القضاء على الغائب من غير أن يكون عنه خصم حاضر فان قيل روى أن زوجها خرج إلى الشام وقد كان وكل أخاه فالجواب أنه إنما وكله بطلاقها ولم يوكله بالخصوصة وقولهما ان النفقة تجب لها بمقابلة الملك ممنوع فان للملك ضمان آخر وهو المهر على ما نذكر إن شاء الله تعالى وإنما تجب بالاحتباس وقد بقي بعد الطلاق الثلاث والبائن فتبقى النفقة وسواء كانت المعتدة عن طلاق كبيرة أو صغيرة مسلمة أو كتابية لان ما ذكرنا من الدلائل لا يوجب الفصل ولا نفقة ولا سكنى للأمة المعتدة عن طلاق إذا لم يبوئها المولى بيتا لأنه إذا لم يبوئها المولى بيتا فحق الحبس لم يثبت للزوج ألا ترى ان لها أن تخرج فإن كان المولى قد بوأها بيتا فلها السكنى والنفقة لثبوت حق الحبس للزوج وكذلك
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248