من ستة أشهر مذ طلقها انه يلزمه لتيقننا بعلوقه حال قيام النكاح وإذا جاءت به لستة أشهر أو أكثر لا يلزمه لعدم التيقن بذلك ويستوى في هذا الحكم ذوات الأقراء وذوات الأشهر لما قلنا وعلى هذا يخرج ما إذا قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق فتزوج امرأة فطلقت فجاءت بولدانها ان جاءت به لستة أشهر من وقت النكاح يثبت النسب لأنها إذا جاءت به لستة أشهر من وقت النكاح كان لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق لان الطلاق يقع عقيب النكاح لان الحالف أوقعه كذلك ألا ترى أنه قال فهي طالق والفاء للتعقيب بلا تراخى وقال زفر لا يثبت النسب وروى أن محمدا كأن يقول مثل قوله ثم رجع وجه قول زفر ان اثبات النسب بعقد امكان بوطئ ولم يوجد إذ ليس بين النكاح والطلاق زمان يسع فيه الوطئ بل كما وجد النكاح وقع الطلاق عقيبه بلا فصل فلا يتصور الوطئ فلا يثبت النسب وانا نقول يمكن تصوره بأن كان يخالط امرأة فدخل الرجال عليه فتزوجها وهم يسمعون كلامه وأنزل من ساعته وإذا تصور الوطئ فالنكاح قائم مقام الوطئ المنزل عند تصوره شرعا لقوله صلى الله عليه وسلم الولد للفراش وان جاءت لأقل من ستة أشهر من وقت النكاح لا يثبت النسب لأنا علمنا يقينا انه لوطئ وجد قبل النكاح ثم إذا جاءت به لستة أشهر من وقت النكاح حتى يثبت النسب يجب على الزوج مهر كامل كذا ذكر في ظاهر الرواية لأنها صارت في حكم المدخول بها وذكر أبو يوسف في الأمالي ان القياس ان يجب عليه مهر ونصف مهر نصف مهر بالطلاق قبل الدخول ومهر كامل بالدخول ووجهه ان يجعل الطلاق واقعا كما تزوج فيجب نصف مهر لوجود الطلاق قبل الدخول ثم يجعل واجبا بعد الدخول بناء على أن عنده ان الطلاق غير واقع لأنه يرى أن تعليق النكاح بالملك لا يصلح كما هو مذهب الشافعي فيجب المهر بهذا الوطئ ويثبت النسب لان المسألة مجتهد فيها فلا يكون فعله زنا الا ان أبا حنيفة استحسن وقال لا يجب الا مهر واحد لأنها كالمدخول بها من طريق الحكم فيتأكد المهر وان طلقها بعد الدخول بها فجاءت بولد فجملة الكلام في المعتدة ان يقال المعتدة لا يخلو اما إن كانت معتدة عن طلاق أو غيره من أسباب الفرقة واما إن كانت معتدة من وفاة وكل واحدة منهما لا يخلو من أن تكون من ذوات الأقراء أو من ذوات الأشهر كانت أقرت بانقضاء العدة أو لم تقر فإن كانت معتدة عن طلاق فالطلاق لا يخلو اما أن يكون بائنا واما أن يكون رجعيا فإن كان بائنا وهي من ذوات الأقراء ولم تكن أقرت بانقضاء العدة فجاءت بولد فان جاءت به إلى سنتين عند الطلاق لزمه لأنه لا يحتمل أن يكون العلوق من وطئ حادث بعد الطلاق ويحتمل أن يكون من وطئ وجد في حال قيام النكاح وكانت حاملا وقت الطلاق لان الولد يبقى في البطن إلى سنتين بالاتفاق وهذا ظهر الاحتمالين إذا الظاهر من حال المسلمة أن لا تتزوج في العدة وحمل أمور المسلمين على الصلاح والسداد واجب ما أمكن فيحمل عليه أو نقول النكاح كان قائما بيقين والفراش كان ثابتا بيقين لقيام النكاح والثابت بيقين لا يزول الا بيقين مثله فإذا كان احتمال العلوق على الفراش قائما لم نستيقن بانقضاء العدة وزوال النكاح من كل وجه فلم نستيقن بزوال الفراش فلا نحكم بالزوال بالشك وان جاءت به لأكثر من سنتين لم يلزمه ان أنكره لأنا تيقنا انه ليس منه لان الولد لا يبقى في البطن أكثر من سنتين فلا يثبت نسبه منه ما لم يدع فإذا ادعى ثبت النسب منه وهل يشترط تصديقها فيه روايتان واختلف في انقضاء عدتها قال أبو حنيفة ومحمد يحكم بانقضائها قبل الولادة بستة أشهر وترد ما أخذت من نفقته هذه المدة وقال أبو يوسف انقضاء عدتها بوضع الحمل ولا ترد شيئا من النفقة وجه قوله إنه يحتمل انه وطئها أجنبي بشبهة ويحتمل ان الزوج وطئها بشبهة فلا ترد النفقة بالشك ولهما ان الولد لا بد وأن يكون من وطئ حادث بعد الطلاق لان الولد لا يبقى في البطن أكثر من سنتين فلا يجوز ان يحمل على أن الزوج وطئها لأنه حرام ولا على أن أجنبيا وطئها بشبهة لان ذلك حرام أيضا وظاهر حال المسلم التحرج عن الحرام فتعين الحمل على وطئ حلال وهو الوطئ في نكاح صحيح فيحمل على أن عدتها قد انقضت وتزوجت وأقل مدة الحمل ستة أشهر فوجب رد نفقة ستة أشهر لأنه تبين انها لم تكن عليه وقد خرج الجواب عما ذكره أبو يوسف على أنا ان حملنا على أن أجنبيا وطئها
(٢١٢)